قصة حفرة غامضة في الهند حيرت علماء ناسا.. يتغير لونها
تشكلت قبل 50 ألف عام نتيجة اصطدام نيزك بالأرض ثم تحولت إلى بحيرة
بحيرة لونار، إحدى عجائب الطبيعة، تبهر الجميع بألوانها المتغيرة وطبيعتها الآسرة، ليس فقط لأنها مجرد بحيرة، بل لأن خلف حكايتها الكثير من الألغاز التي تنتظر حلها. كما أنها تتمتع بقدسية وأهمية تاريخية خاصة. حتى وكالة ناسا العديد من العلماء يصابون بالدهشة من خصائصها التي تتشابه مع سطح القمر. إنها حقا إحدى العجائب الطبيعة حول العالم، وتستحق الاهتمام بها.
وفي التقرير التالي، نستعرض معكم قصة بحيرة لونار الغريبة والتي تحمل الكثير من الغموض الذي دفع غالبية سكان الهند يتداولون حولها عشرات الأساطير والقصص الخرافية.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصة بحيرة لونار
تقع البحيرة في منطقة بولدانا بولاية ماهاراشترا في الهند. وتعرف أيضًا باسم "بحيرة المريخ" نظرًا لتشابهها مع تضاريس الكوكب الأحمر.
تشكلت البحيرة قبل 50 ألف عام نتيجة اصطدام نيزك بالأرض، تاركًا فوهة عميقة تحولت لاحقا إلى بحيرة. وتتميز البحيرة بمياهها المالحة ذات التركيز العالي من الصوديوم والبوتاسيوم، مما يجعلها موطنا لأنواع فريدة من الكائنات الحية. إنها بحيرة المالحة الوحيدة المعروفة في العالم، ومياهها في الواقع أكثر ملوحة بسبع مرات من مياه البحر.
وعلى الرغم من قلة الأكسجين في مياهها، إلا أن البحيرة تضم تنوعا هائلاً من الطيور والنباتات، بما في ذلك طيور النحام الوردية. كما تتميز البحيرة بمناظرها الطبيعية الخلابة، حيث تحيط بها التلال الخضراء والمنحدرات الصخرية.
يبلغ قطر البحيرة 1.2 كيلومترًا، وعمقها 150 مترًا، وتحيط بها حافة التلال التي يصل ارتفاعها إلى 75 درجة.
لون البحيرة يتغير
من أكثر الجوانب الملفتة للنظر في بحيرة لونار، إن لونها يتغير من الأخضر إلى الوردي حسب الموسم وظروف المياه. ويحدث ذلك بسبب وجود الكائنات الحية الدقيقة التي تزدهر في البيئة المالحة والقلوية للبحيرة.
ومن بين هذه الكائنات الحية الدقيقة، يمكن أن نذكر أبرزها وهي: هالوباكتيرياسيا ودوناليلا سالينا، والتي تنتج أصباغ تعطي البحيرة لونًا ورديًا.
كذلك، تحتوي البحيرة على مياه مالحة وقلوية وتعتبر في حد ذاتها ظاهرة نادرة حيرت العلماء بشكل كبير، خاصة أن بعضهم يعتبر تركيبتها مستحيلة في علوم الطبيعة، مما يجعل هذه البحيرة فريدة من نوعها حقًا.
كنز جيولوجي
توفر البحيرة أدلة حول تاريخ وتطور الكرة الأرضية وأشكال الحياة فيها، وتمثل للعلماء والباحثين كنزًا من المعلومات الجيولوجية والبيولوجية. ويرجع ذلك إلى عدة أسباب.
أولا، لأن هذه الحفرة الاصطدامية الوحيدة المعروفة في الصخور البازلتية في هضبة ديكان، حيث أدى تأثير النيزك إلى خلق موجة صادمة أدت إلى إذابة البازلت وتحطيمه، مما أدى إلى إنتاج مادة زجاجية تسمى ماسكيلينيت.
وثانيا، لأن هذه البحيرة الغريبة تستضيف رغم ملوحتها الكبيرة مجموعة متنوعة وغنية من النباتات والحيوانات، وبعضها مستوطن في المنطقة.
تشابه البحيرة مع القمر
وفقا لوكالة الفضاء الأمريكية ناسا، فإن هناك تشابه كبير بين خصائص هذه البحيرة مع سطح القمر.
كشفك ذلك دراسة حديثة أجراها معهد IIT Bombay ، والتي أشارت إلى أن المعادن الموجودة في تربة البحيرة تشبه إلى حد كبير المعادن الموجودة في صخور القمر التي أعادتها بعثات أبولو. ومن هذا المنطلق، اقترحت الدراسة أن يتم استخدام هذه البحيرة كنظير لدراسة جيولوجيا القمر وعلم الأحياء الفلكي.
عجائب بحيرة لونار
بالإضافة إلى المعلومات السابقة التي ذكرناها حول البحيرة، هناك مجموعة أخرى من المعلومات الغامضة حول البحيرة، والتي تتحدى بعضها التفسير العلمي، أبرزها أن البوصلات تفشل في العمل بالقرب من بعض أجزاء حفرة البحيرة، وذلك بسبب التكوين الجيولوجي الفريد لها والخصائص الكهرومغناطيسية الغامضة التي تتمتع بها.
كذلك، يعتبر السكان المحليون البحيرة مقدسة، حيث يعتقدون أنها خلقت على يد اللورد فيشنو، حافظ الكون. بينما وفقًا لبعض المعتقدات، يقول آخرون إن اللورد رام قام بزيارة موقع البحيرة ذات يوم وأظهرها فجأة لزوجته سيتا كمكافأة، بينما كانا في طريق عودتهما إلى أيوديا بعد هزيمة الملك الشيطاني رافانا.
لذلك، تقع حول البحيرة العديد من المعابد القديمة التي يعود تاريخها إلى القرن السادس الميلادي، والتي يمكن أن نلاحظ فيها فنون معمارية وتراثية تعكس الحضارات الماضية.
أنشطة سياحية
البحيرة ليست أعجوبة علمية فحسب، بل هي أيضًا تراث ثقافي وتاريخي. لذلك، تعتبر البحيرة التي تقع على بعد 170 كيلومترًا من أورانجاباد و550 كيلومترًا من مومباي، واحدة من أفضل أسرار ولاية ماهاراشترا. وتوفر مسارات رائعة للمشي لمسافات طويلة والتنزه بين المناظر الطبيعية الخلابة.
كما يمكن للزوار الاستمتاع برحلة بحرية في البحيرة لمشاهدة الطيور والنباتات الفريدة. ويمكن أيضًا للزوار التخييم على ضفاف البحيرة والاستمتاع بتجربة مميزة تحت النجوم.
كذلك، تقع العديد من المعابد القديمة على ضفاف البحيرة، مما يضفي عليها طابعًا روحيًا خاصًا.
حماية دولية للبحيرة
في نوفمبر 2020، تم إعلان بحيرة لونار موقعًا ذو أهمية خاصة من جانب اتفاقية رامسار، وذلك تقديرًا لقيمتها البيئية والثقافية. مما يعني أنها أصبحت أيضًا ذات مكانة دولية خاصة.
واتفاقية رامسار هي معاهدة دولية تهدف إلى حماية واستخدام الأراضي الرطبة بشكل مستدام. تم توقيعها في مدينة رامسار الإيرانية عام 1971، ودخلت حيز التنفيذ عام 1975. وتهدف الاتفاقية إلى وقف فقدان الأراضي الرطبة والحفاظ على وظائفها الحيوية للبيئة والمجتمع.
وتضم قائمة مواقع رامسار أكثر من 2400 موقعًا من الأراضي الرطبة ذات الأهمية الدولية موزعة على 172 دولة. وتسعى الاتفاقية إلى حماية هذه المواقع والحفاظ على وظائفها البيئية.
وفي نفس السياق، تحمي هيئة المسح الجيولوجي الهندية هذه البحيرة، باعتبارها نصبًا تذكاريًا للتراث الجغرافي الوطني، خاصة أنها واجهت العديد من التهديدات، مثل التلوث والزحف، والتي يجب معالجتها للحفاظ على جمالها وأهميتها.
ختامًا، تعد بحيرة لونار أكبر بحيرة مالحة في الهند، وتعتبر أيضًا موقعا للتراث الجغرافي الوطني في الهند. وتجرى الآن العديد من الدراسات العلمية على البحيرة لفهم خصائصها الفريدة.