قصة قرية يابانية تسكنها 350 دمية بحجم البشر.. مرعبة وغريبة
يمكن رؤية الدمى في مواقع مختلفة تعمل في الحقول وتجلس على صفاف النهر وتملأ فصول المدارس
في قرية صغيرة باليابان، لا يمكن رؤية أي شخص بسهولة. السكان أغلبهم من المسنين لكنهم أيضًا غير مرئيين، لأنهم في الحقيقة عبارة عن دمى بحجم الإنسان الطبيعي.
مع النظرة الأولى، ستلاحظ بعض السكان المسنين الذين يعتنون بحدائقهم، بينما آخرون ينتظرون عند محطة للحافلات. يبدو كل شيء طبيعيًا، حتى تدرك أن معظم هؤلاء ليسوا بشرًا.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
كيف حدث ذلك؟ وما قصة هذه القرية؟ كل هذا نستعرضه معك في التقرير التالي، الذي نروي فيه تاريخ قرية ناغورو، إلى جانب مجموعة من المعلومات والحقائق المثيرة عنها.
قصة قرية ناغورو
تقع قرية ناغورو، المعروفة أيضًا باسم "قرية الدمى"، في جبال شيكوكو النائية بجنوب اليابان. تشتهر هذه القرية الفريدة بوجود أكثر من 350 دمية بحجم الإنسان تمثل غالبية سكانها.
كانت ناغورو في السابق قرية نابضة بالحياة تضم مئات السكان. ولكن، مع مرور الوقت، هاجر العديد من الشباب بحثًا عن فرص عمل أفضل في المدن، مما أدى إلى تراجع عدد السكان بشكل كبير.
في عام 2002، ابتكرت فنانة محلية تدعى تسوكيمي أيانو، أول دمية لتمثيل والدها المتوفى. ومع ازدياد شعورها بالوحدة، بدأت بإنشاء المزيد من الدمى لتجسيد ذكريات جيرانها وأصدقائها الذين رحلوا أو غادروا القرية.
ظلت أيانو مواظبة على صنع الدمى بالحجم الطبيعي، حتى صار عدد الدمى يفوق عدد البشر بحوالي عشرة إلى واحد. ويمكن رؤيتها في مواقع مختلفة في جميع أنحاء المدينة، وبأشكال مختلفة. عمال يعملون في الحقول، صيادون يجلسون على ضفة النهر، طلاب يملأون فصولاً دراسية بأكملها، أزواج مسنين يستريحون على مقاعد خارج المباني وأسر تستريح على شرفات منازلها.
تصنع أيانو الدمى من القماش والحشائش وقطع الخشب، وتزينها بملابس تقليدية تعكس أسلوب حياة القرية. والآن، يوجد في هذه القرية الصغيرة حوالي 350 دمية و27 شخصًا حقيقيًا فقط، أصغرهم يتجاوز عمره 50 عامًا، مما يجعلها قرية مرعبة إلى حد ما لمن لا يعرفها، نظرا لأن غالبية سكانها عبارة عن دمى بحجم البشر الطبيعي.
كيف بدأت فكرة الدمى؟
جاءت فكرة إنشاء دمى غريبة محشوة بالقطن إلى الفنانة تسوكيمي أيانو، المعروفة بأنها من هواة الحرف اليدوية، عندما عادت إلى القرية في عام 2002 بعد أن عاشت معظم حياتها في أوساكا.
بدأت أيانو فكرتها كإبداع من أجل توظيف دمية والدها المتوفي لردع الطيور عن سرقة البذور من قطعة أرض العائلة. ثم تحولت الفكرة إلى مشروع إبداعي مستمر يشبه النصب التذكاري، حيث طالبتها أغلب الأسر بإنشاء دمى تشبه أفرادًا من أسرهم. واليوم، تنتشر المئات من هذه الدمى في جميع أنحاء القرية.
التأثير الثقافي
أصبحت قرية ناغورو وجهة سياحية شهيرة تجذب الزوار من جميع أنحاء العالم. تقدم القرية لمحة فريدة عن ثقافة الريف الياباني وتاريخه، وتثير تساؤلات حول الشيخوخة، والهجرة، وفقدان الأحباء.
الأزمة الوحيدة عند زيارتها، تتمثل في كونها مدينة معزولة في جزيرة شيكوكو اليابانية، حيث يصعب الوصول إليها، فالحافلات نادرة وأقرب محطة قطار على بعد ساعة. كما إنه نظرًا لعدم وجود علامات إرشادية على الطريق تشير إلى قرية ناغورو ومن السهل أن تضيع، فمن الأفضل زيارة القرية في جولة بسيارة أجرة، حيث يمكن للسائق أن يوضح لك مكانها.
مع ذلك، لم تمنع كل هذه العوائق 3000 شخص أو نحو ذلك من زيارة هذه القرية الصغيرة سنويًا، جميعهم يحترمون ثقافة القرية وسكانها، ويلتزمون بعدم لمس أو تحريك الدمى من مكانها دون إذن.
وبالإضافة إلى فكرة الدمى، يمكن للزوار الاستمتاع بالمناظر الطبيعية الخلابة المحيطة بالقرية، حيث يقع وادي "إيا" على بعد أقل من ساعة من قرية ناغورو، وهو موطن الغابات الخضراء وثلاثة جسور كروم نادرة وينابيع ساخنة، وغيرها من الأنشطة المثيرة في الهواء الطلق مثل التجديف على طول مضيق أوبوكي.
معلومات عن قرية ناغورو
تعتبر قرية ناغورو الصغيرة واحدة من عجائب العالم في العصر الحديث، وواجهة سياحية مميزة بسبب تفوق عدد الدمى فيها على تعداد البشر. وفي السطور التالية، نستعرض معكم مجموعة من المعلومات المهمة عنها للتعرف عليها قبل زيارتها.
. تقع قرية ناغورو على بعد حوالي 4 ساعات بالسيارة من مطار توكوشيما.
. كان تعداد سكانها قبل عقود حوالي 300 أسرة. ثم شهدت البلاد انخفاضًا في عدد السكان لمدة 14 عامًا متتاليًا.
. حاليًا، يبلغ عدد سكان قرية ناغورو حوالي 27 شخصًا فقط، جميعهم من المسنين، حيث ينتقل الأصغر سنًا إلى البلدات والمدن الكبرى في اليابان بشكل جماعي من أجل فرص العمل الأفضل.
. في غضون سنوات قليلة، ربما لن يبقى أحد في هذه القرية.
. لتجنب الوحدة والشعور بالعزلة، جاءت فكرة إلى إحدى الفنانات من سكان القرية في إنشاء دمى كبديل لسكان القرية الراحلين.
. يوجد الآن في هذه القرية الصغيرة حوالي 350 دمية، حيث يفوق عدد دمى ناغورو الآن عدد السكان بنسبة 10 إلى واحد.
. تسمى هذه الدمى كاكاشي أو الفزاعات باللغة اليابانية.
. تم إغلاق المدرسة الوحيدة في القرية قبل بضع سنوات مع تخرج آخر طالبين من المرحلة الابتدائية.
. تحولت المدرسة الآن إلى متحف غير رسمي، يحتوي على طلاب ومعلمين وأولياء أمور، جميعهم من الدمى. كما تضم فصلا دراسيا يضم 12 دمية على شكل تلاميذ يجلسون على مكاتبهم.
. اشتهرت القرية عام 2014 بفضل فيلم وثائقي للمخرج الألماني، فريتز شومان، بعنوان "وادي الدمى"، مما جذب الاهتمام العالمي.
. تقام في القرية العديد من الفعاليات والمهرجانات على مدار السنة، بما في ذلك مهرجان دمى ناغورو السنوي، وهو المهرجان المفضل للأجانب والذي يقام كل يوم أحد أول من شهر أكتوبر.
. تقام كل أربعاء رابع من كل شهر من أبريل إلى نوفمبر ورشة عمل لصنع الدمى بعنوان Ayano"s Scarecrow-Making Workshop.
. أصبحت قصة قرية ناغورو موضوعًا لعدد من الأفلام الوثائقية والكتب.
في النهاية، تعد قرية ناغورو مكانًا فريدًا يمزج بين الواقع والخيال. تقدم هذه القرية لمحة مؤثرة عن التحديات التي تواجه المجتمعات الريفية في اليابان، بينما تشيد بجمال ومرونة الروح البشرية.