قصة هود عليه السلام مكتوبة.. قوم عاد تحدوا الله فكانت نهايتهم عِبرة
رفض قومه اتباعه وسخروا من رسالته وتجاهلوا تحذيراته ومعجزته
قصة هود عليه السلام، واحدة من القصص التي تحمل الكثير من العبر والدروس لمن يعصي الله ولا يتبع تعاليم الدين ويعبد الله وحده. وجاءت قصته كثيرًا في القرآن الكريم لتوثيق رحلته في دعوة قوم عاد إلى التوحيد. ولذلك ينتمي هود إلى الأمة العربية، إلى جانب أنبياء آخرين جاءوا من الأمة العربية هم النبي صالح عليه السلام والنبي شعيب عليه السلام والنبي محمد صلى الله عليه وسلم.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
قصة هود عليه السلام في القرآن
وردت قصة حياة النبي هود عليه السلام نفسه ورحلته الدعوية عدة مرات في القرآن. بل إن اسم "هود" خُلد كاسم لإحدى سور القرآن، تحديدا السورة الحادية عشر.
كما وردت قصة النبي هود عليه السلام في عدة آيات بالقرآن الكريم، منها ما جاء في سورة هود من الآية 50 إلى الآية 60:
﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُواْ اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ إِنْ أَنتُمْ إِلاَّ مُفْتَرُونَ (50) يَا قَوْمِ لا أَسْأَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْرًا إِنْ أَجْرِيَ إِلاَّ عَلَى الَّذِي فَطَرَنِي أَفَلاَ تَعْقِلُونَ (51) وَيَا قَوْمِ اسْتَغْفِرُواْ رَبَّكُمْ ثُمَّ تُوبُواْ إِلَيْهِ يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا وَيَزِدْكُمْ قُوَّةً إِلَى قُوَّتِكُمْ وَلاَ تَتَوَلَّوْا مُجْرِمِينَ (52) قَالُواْ يَا هُودُ مَا جِئْتَنَا بِبَيِّنَةٍ وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَن قَوْلِكَ وَمَا نَحْنُ لَكَ بِمُؤْمِنِينَ (53) إِن نَّقُولُ إِلاَّ اعْتَرَاكَ بَعْضُ آلِهَتِنَا بِسُوءٍ قَالَ إِنِّي أُشْهِدُ اللَّهِ وَاشْهَدُواْ أَنِّي بَرِيءٌ مِّمَّا تُشْرِكُونَ (54) مِن دُونِهِ فَكِيدُونِي جَمِيعًا ثُمَّ لاَ تُنظِرُونِ (55) إِنِّي تَوَكَّلْتُ عَلَى اللَّهِ رَبِّي وَرَبِّكُم مَّا مِن دَابَّةٍ إِلاَّ هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا إِنَّ رَبِّي عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ (56) فَإِن تَوَلَّوْا فَقَدْ أَبْلَغْتُكُم مَّا أُرْسِلْتُ بِهِ إِلَيْكُمْ وَيَسْتَخْلِفُ رَبِّي قَوْمًا غَيْرَكُمْ وَلاَ تَضُرُّونَهُ شَيْئًا إِنَّ رَبِّي عَلَىَ كُلِّ شَيْءٍ حَفِيظٌ (57) وَلَمَّا جَاءَ أَمْرُنَا نَجَّيْنَا هُودًا وَالَّذِينَ آمَنُواْ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِّنَّا وَنَجَّيْنَاهُم مِّنْ عَذَابٍ غَلِيظٍ (58) وَتِلْكَ عَادٌ جَحَدُواْ بِآيَاتِ رَبِّهِمْ وَعَصَوْا رُسُلَهُ وَاتَّبَعُواْ أَمْرَ كُلِّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ (59) وَأُتْبِعُواْ فِي هَذِهِ الدُّنْيَا لَعْنَةً وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ أَلا إِنَّ عَادًا كَفَرُواْ رَبَّهُمْ أَلاَ بُعْدًا لِّعَادٍ قَوْمِ هُودٍ (60)﴾
وفي سورة الأعراف من الآية 65 إلى الآية 72:
﴿وَإِلَى عَادٍ أَخَاهُمْ هُودًا قَالَ يَا قَوْمِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُمْ مِنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلَا تَتَّقُونَ (65) قَالَ الْمَلَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَوْمِهِ إِنَّا لَنَرَاكَ فِي سَفَاهَةٍ وَإِنَّا لَنَظُنُّكَ مِنَ الْكَاذِبِينَ (66) قَالَ يَا قَوْمِ لَيْسَ بِي سَفَاهَةٌ وَلَكِنِّي رَسُولٌ مِنْ رَبِّ الْعَالَمِينَ (67) أُبَلِّغُكُمْ رِسَالَاتِ رَبِّي وَأَنَا لَكُمْ نَاصِحٌ أَمِينٌ (68) أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنْذِرَكُمْ وَاذْكُرُوا إِذْ جَعَلَكُمْ خُلَفَاءَ مِنْ بَعْدِ قَوْمِ نُوحٍ وَزَادَكُمْ فِي الْخَلْقِ بَسْطَةً فَاذْكُرُوا آلَاءَ اللَّهِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ (69) قَالُوا أَجِئْتَنَا لِنَعْبُدَ اللَّهَ وَحْدَهُ وَنَذَرَ مَا كَانَ يَعْبُدُ آبَاؤُنَا فَأْتِنَا بِمَا تَعِدُنَا إِنْ كُنْتَ مِنَ الصَّادِقِينَ (70) قَالَ قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَغَضَبٌ أَتُجَادِلُونَنِي فِي أَسْمَاءٍ سَمَّيْتُمُوهَا أَنْتُمْ وَآبَاؤُكُمْ مَا نَزَّلَ اللَّهُ بِهَا مِنْ سُلْطَانٍ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنَ الْمُنْتَظِرِينَ (71) فَأَنْجَيْنَاهُ وَالَّذِينَ مَعَهُ بِرَحْمَةٍ مِنَّا وَقَطَعْنَا دَابِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا وَمَا كَانُوا مُؤْمِنِينَ (72)﴾
كذلك في سورة المؤمنون من الآية 31 إلى الآية 41:
﴿ثُمَّ أَنشَأْنَا مِن بَعْدِهِمْ قَرْنًا آخَرِينَ (31) فَأَرْسَلْنَا فِيهِمْ رَسُولا مِنْهُمْ أَنِ اعْبُدُوا اللَّهَ مَا لَكُم مِّنْ إِلَهٍ غَيْرُهُ أَفَلا تَتَّقُونَ (32) وَقَالَ الْمَلَأُ مِن قَوْمِهِ الَّذِينَ كَفَرُوا وَكَذَّبُوا بِلِقَاء الآخِرَةِ وَأَتْرَفْنَاهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا مَا هَذَا إِلاَّ بَشَرٌ مِّثْلُكُمْ يَأْكُلُ مِمَّا تَأْكُلُونَ مِنْهُ وَيَشْرَبُ مِمَّا تَشْرَبُونَ (33) وَلَئِنْ أَطَعْتُم بَشَرًا مِثْلَكُمْ إِنَّكُمْ إِذًا لَّخَاسِرُونَ (34) أَيَعِدُكُمْ أَنَّكُمْ إِذَا مِتُّمْ وَكُنتُمْ تُرَابًا وَعِظَامًا أَنَّكُم مُّخْرَجُونَ (35) هَيْهَاتَ هَيْهَاتَ لِمَا تُوعَدُونَ (36) إِنْ هِيَ إِلاَّ حَيَاتُنَا الدُّنْيَا نَمُوتُ وَنَحْيَا وَمَا نَحْنُ بِمَبْعُوثِينَ (37) إِنْ هُوَ إِلاَّ رَجُلٌ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا وَمَا نَحْنُ لَهُ بِمُؤْمِنِينَ (38) قَالَ رَبِّ انصُرْنِي بِمَا كَذَّبُونِ (39) قَالَ عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ (40) فَأَخَذَتْهُمُ الصَّيْحَةُ بِالْحَقِّ فَجَعَلْنَاهُمْ غُثَاءً فَبُعْدًا لِّلْقَوْمِ الظَّالِمِينَ (41)﴾
وفي سورة الحاقة من الآية 6 إلى الآية 8:
﴿وَأَمَّا عَادٌ فَأُهْلِكُوا بِرِيحٍ صَرْصَرٍ عَاتِيَةٍ (6) سَخَّرَهَا عَلَيْهِمْ سَبْعَ لَيَالٍ وَثَمَانِيَةَ أَيَّامٍ حُسُومًا فَتَرَى الْقَوْمَ فِيهَا صَرْعَى كَأَنَّهُمْ أَعْجَازُ نَخْلٍ خَاوِيَةٍ (7) فَهَلْ تَرَى لَهُم مِّن بَاقِيَةٍ (8)﴾
قصة هود عليه السلام مختصرة
تتلخص رسالة النبي هود عليه السلام في قوم عاد، الذين عاشوا حول المكان الذي عاش فيه النبي هود، أي الأحقاف، حيث كانت مهمته الرئيسية هي نشر تعاليم عبادة الله سبحانه وتعالى وتجنب الأفعال غير الأخلاقية. لأن قوم عاد معروفون بأنهم قوم يعبدون الأصنام التي صنعتها أيديهم.
يقول ابن كثير: إن قوم عاد هم أول من عبد الأصنام بعد كارثة الطوفان التي حدثت في زمن النبي نوح عليه السلام. وبعد أن اشتد كفر هؤلاء، أرسل الله سبحانه وتعالى النبي هود من بينهم، ليكون رسول الله سبحانه وتعالى بهدف دعوتهم إلى الطريق الصحيح.
دعا النبي هود جميع قوم عاد إلى عبادة الله سبحانه وتعالى، وكذلك طاعة كل أوامره. حتى النبي هود وعد بالخير الذي سيحصلون عليه إذا اتبعوا الطريق الصحيح. إلا أن قوم عاد لم يعودوا إلى الصواب، بل كذبوا على النبي هود عليه السلام. كما ادّعوا إنه إنسان كاذب، وبعضهم قال إنه فقد عقله وأصبح مجنونا.
هذا الشعب المعروف بغطرسته حذره الله سبحانه وتعالى على لسان رسوله هود عليه السلام. ومع ذلك، استمر هؤلاء في تجاهل التحذير. ولم يكتفوا بذلك، بل تحدى قوم عاد النبي هود عليه السلام لإظهار قوة الله سبحانه وتعالى.
ولهذا السبب، أرسل الله سبحانه وتعالى العقوبة على شكل عاصفة كبيرة ضربت هذا الشعب ودمرته. سلطها الله عليهم سبع ليال وثمانية أيام متواصلة، ليتساقطوا كأنهم جذوع نخل خاوية.
عندما هبت الريح، بقي النبي هود وأتباعه في منازلهم بأمر من الله، وبالفعل لم يشعروا بأدنى خطر أو أذى من الريح. وبعد حادثة الإعصار انتقل النبي هود وأتباعه إلى حضرموت ليقيموا هناك حتى لفظ أنفاسه الأخيرة.
اقرأ أيضا: جميع أسماء الأنبياء
قصة هود عليه السلام مكتوبة
عاش النبي هود عليه السلام في منطقة تسمى الأحقاف، على وجه التحديد في الجانب الشمالي من حضرموت، بين اليمن وعمان، حيث عرفت بأنها منطقة جميلة جدا وأرضها خصبة. فيها تنمو العديد من المنتجات الزراعية بشكل جيد.
يرتبط تاريخ النبي هود عليه السلام ارتباطًا وثيقًا بقوم عاد. ويقال إن النبي هود عليه السلام هو حفيد النبي نوح عليه السلام أو تحديدًا من ذرية سام بن نوح.
كان قوم عاد الذين عاشوا في زمن النبي هود عليه السلام معروفون بأنهم قوم عاشوا في راحة ورخاء شديدين. حياتهم مزدهرة، ومليئة بالحقول الزراعية الخصبة والخضراء، والماشية التي تتمتع بصحة جيدة والوفيرة، كما تتدفق من حولهم المياه الوفيرة والعذبة. بالإضافة إلى ذلك، فمن المعروف أيضًا أن أجسام قوم عاد كبيرة وقوية، لذلك كانت مفيدة جدًا وتساعدهم بشكل كبير أداء أعمالهم اليومية وتحقيق مكاسب كبيرة.
ورغم كل هذه النعم التي تمتع بها قوم عاد، والملذات المتنوعة التي كانوا يعيشون بينها، إلا أنهم لم يعبدوا الله، أو يشكروه سبحانه وتعالى على نعمه. بل إن قوم عاد لم يعترفوا بأن الله تعالى هو إلههم، وكانوا يعبدون تماثيل صنعوها بأنفسهم.
كان الهدف الرئيسي من رسالة النبي هود عليه السلام هو دعوة قوم عاد الذين يعيشون حول مسكنه، وتحديدا في الأحقاف، إلى تعلم عبادة الله تعالى واجتناب الشرك، وعبادة الأصنام التي صنعوها بأنفسهم.
حاول النبي هود عليه السلام مرارا وتكرارا دعوة قوم عاد إلى ترك الأصنام التي كانوا يعبدونها والتوجه إلى عبادة الله تعالى. كما أظهر النبي هود عليه السلام لهم دليلاً على قوة الله تعالى ووحدانيته، وقدرته عز وجل من خلال المعجزات التي منحه الله إياها، حتى يقتنعوا بأنه يدلهم على الطريق الصحيح.
إلا أن قوم عاد لم يؤمنوا بالنبي هود عليه السلام على الإطلاق ولم يرغبوا في التخلي عن أصنامهم. حتى إنهم اتهموا النبي هود عليه السلام بالجنون.
ونتيجة لسلوك قوم عاد الذين كانوا جشعين ومتكبرين ومعارضين للنبي هود عليه السلام، حذرهم الله تعالى على شكل قحط وجفاف طويل أصابهم بالقلق والخوف، فبعد أن كانت أرضهم خصبة ويتمتعون بأفضل أنواع المحاصيل، أصبحوا يعانون من الجفاف وآثاره، وحياتهم مهددة بمجاعة.
استغل النبي هود عليه السلام الجفاف لإقناع قوم عاد بترك الأصنام والتوبة وعبادة الله تعالى. وبإذن الله تعالى تمكن النبي هود عليه السلام من إنزال المطر. ومع ذلك، تجاهلوا كلام النبي هود عليه السلام تمامًا.
ونتيجة عناد قوم عاد الذين استمروا في مخالفتهم للنبي هود عليه السلام والشرك بالله تعالى، أظهر الله قوته بجلب السحاب الأسود الكثيف فوق رؤوسهم. وعندها صاح أهل عاد فرحين، لأنهم ظنوا أن السحابة علامة على نزول المطر الذي سينقذ حقولهم وزراعتهم من الجفاف.
ولكن وسط هتافات قوم عاد، حذر النبي هود عليه السلام من أن السحب السوداء القادمة ليست علامة جيدة على نزول المطر، وإنما نذير شؤم بأن عقاب الله تعالى قد اقترب.
مع ذلك، ومرة أخرى تجاهلوا تحذير النبي هود عليه السلام، ولم يريدوا تصديق كل الكلام. بل وطلبوا من هود دليلا على صدق هذه التحذيرات، ليرسل إليهم الله إعصارا قويا، هدم وجرف كل ما كان هناك من منازل وأبنية وأصنام وحقول ومواشي وممتلكات قوم عاد المختلفة.
تمكن الإعصار من تدمير قوم عاد والأصنام التي كانوا يعبدونها، حيث يروى أن الريح التي استمرت ثمانية أيام وسبع ليال، ودمرت كل شيء وحولته مثل الغبار. إلا النبي هود عليه السلام وأتباعه، أنقذهم الله.
بقي النبي هود عليه السلام وأتباعه في منازلهم دون أن يشعروا بأدنى خطر من الإعصار. وبعد الحادثة التي حلت بقوم عاد، انتقل النبي هود عليه السلام وأتباعه أخيرًا إلى منطقة حضرموت ليسكنوا هناك حتى لفظ هود أنفاسه الأخيرة.
ما هي معجزة النبي هود عليه السلام؟
المعجزات في حد ذاتها هي أحداث أو قدرات خارقة كانت يمتلكها أو حدثت في عهد الأنبياء والرسل. لقد أعطى الله سبحانه وتعالى المعجزات وأنزلها مباشرة على الأنبياء والرسل بهدف إثبات أنهم أشخاص مميزون تم اختيارهم لتنفيذ الدعوة. لذلك، فإن المعجزات لا يمكن لأحد أن يقلدها وتختلف تماما عن السحر. لأن السحر يمكن تعلمه ومقاومته، أما المعجزات فلا يمكن تعلمها.
وفيما يلي نستعرض المعجزات الثلاث التي منحها الله تعالى للنبي هود عليه السلام لمساعدته في دعوة قوم عاد:
. بإذن الله تعالى تمكن النبي هود عليه السلام من إنزال المطر عندما أصيب قوم عاد في ذلك الوقت بجفاف شديد أدى إلى موت الحقول والزراعة والماشية لعدم وجود مصدر للمياه.
. أطال الله عمر النبي هود عليه السلام، إلى حوالي 464 عامًا تقريبا، والله أعلم.
. تمكن النبي هود عليه السلام وأتباعه من النجاة من إعصار مدمر راح فيه قوم عاد بالكامل وأراضيهم وماشيتهم وكل ممتلكاتهم.
هل قوم عاد هم قوم هود؟
كان النبي هود عليه السلام أحد الأنبياء الخمسة والعشرين الذين أرسلهم الله سبحانه وتعالى والذين نزل عليهم الوحي. وجاء من الأمة العربية، وتحديدًا من قبيلة عاد، في منطقة الأحقاف باليمن، وبالقرب من حضرموت. وكان الهدف من رسالته دعوة قوم عاد إلى عبادة الله وحده، والتوقف عن الشرك به، حيث كانوا يعبدون الأصنام.
لذلك، فإن قوم عاد هم قوم هود عليه السلام. وللأسف خالف غالبيتهم دعوة هود، وسخروا منه واتهموه بالجنون، وتحدوه وتحدوا الله أن ينزل عليهم العذاب، ليرسل الله عليهم رياحا قوية، وإعصارا شديدا، يهلكهم جميعا بممتلكاتهم، وينجي سيدنا هود عليه السلام وأتباعه.
قصة هود عليه السلام للأطفال
النبي هود هو أحد أنبياء الله سبحانه وتعالى المختارين الذين أرسلوا إلى قوم عاد. وأعطاه الله معجزات ميزته عن أهله وقومه وغيره من البشر.
أُرسل الله النبي هود لقوم عاد ليبلغهم تعاليم الحق والخير، ويطلب منهم تجنب المعاصي والذنوب، حيث كانوا يُعرفون في ذلك الوقت بأنهم أقوى فئة في عصرهم.
من خلال القصة يريد الله سبحانه وتعالى أن يبين للمسلمين كيف كان مصير الشعوب السابقة التي لم تريد أن تتوب إلى الله سبحانه وتعالى. إذ يقال إن النبي هود لم ييأس قط من إقناع قوم عاد بالتوقف عن عبادة الأصنام والتوجه إلى الطريق الصحيح بعبادة الله سبحانه وتعالى.
كان هود يعيش مع قوم عاد في منطقة رملية تعرف بالأحقاف، والتي تقع في اليمن بين عمان وحضرموت. وهناك نصب قوم عاد خيامًا ذات أعمدة كبيرة وسكنوا فيها.
امتلك قوم عاد جسم كبير وقوي. وكانوا يعيشون على البستنة وتربية الماشية. وكانت حدائقهم خصبة جدًا والمياه عذبة وجميلة. لذلك، عاشوا جميعا في رخاء.
ولكن للأسف فإن قوم عاد لا يؤمنون بالله، بل يعبدون الأصنام، ويعتقدون أن الحياة تقتصر على هذا العالم.
هنا، قال النبي هود لقوم عاد أنه نبي ورسول مرسل منه إليهم. ودعا قومه إلى ترك الأصنام والعودة إلى عبادة الله. ولكن بدلاً من اتباع نداء النبي هود، سخر منه قوم عاد وضحكوا عليه، وادعوا إنه مجنون. ورفضوا أن يتركوا الأصنام، وبرروا ذلك بأن عبادة الأصنام كانت سُنة توارثوها عن أسلافهم.
مع ذلك، استمر النبي هود في وعظ قوم عاد. كما ذكّرهم بعذاب الله الذي حل بالسابقين. ولكن للأسف عدداً قليلاً فقط من الأشخاص اقتنعوا بكلامه وآمنوا بالله.
استمر قوم عاد في معارضتهم لنبي الله هود بكل غطرسة، بل وتحدوه أن ينزل عليهم العذاب، وقالوا: "إن كنت حقا رسولا فاسأل ربك أن يعذبنا".
ولأنه لم يعد لديه طرق للتعامل مع قومه، لم يكن لدى النبي هود إلا أن يشكو إلى الله. وبالفعل استجاب له الله، حيث بدأت قرية قوم عاد تتعرض للجفاف، المطر لا يسقط أبدا، نفدت الينابيع، جفت الآبار، هلكت الماشية وذبلت البساتين وماتت.
الكارثة أنهم لم يستجيبوا إلى هذه التحذيرات، واستمروا في ممارسة طقوسهم مع الأصنام لطلب المطر. ولم يمض وقت طويل حتى ظهرت سحابة من السحب السوداء تغطي السماء فوق قريتهم. وعندها هللوا جميعا بسعادة، معتقدين أن الأصنام استجابت لهم وأرسلت المطر.
لم يدركوا أن ذلك علامة على العقاب الذي سينزله الله بهم، حيث أرسلت السحابة ريحًا شديدة ترافقت مع الرعد والبرق، لتهب رياح قوية جرفت قوم عاد وكل ما في طريقها من بيوت وأشجار ومواشي وصخور ونحو ذلك، حتى هلكوا جميعا، وظل النبي هود وأتباعه آمنين واستقروا في حضرموت.
توفي النبي هود عن عمر يناهز حوالي 464 سنة، والله أعلم. ودفن في الجانب الشرقي من حضرموت.