قواعد كان وأخواتها والأفعال الناقصة

  • بواسطة: بابونج تاريخ النشر: الأحد، 24 نوفمبر 2019 | آخر تحديث: الإثنين، 22 أغسطس 2022

This browser does not support the video element.

ربما لا يتذكر بعضنا أفعال المقاربة والشروع (كاد وأخواتها)، وربما ننسى بعض أدوات اللغة العربية وقواعدها، لكن عندما نتحدث عن كان وأخواتها لا بدَّ أن أغلبنا يتذكرها ويتذكر أثرها على الجملة والتغيرات التي تنتج عن دخولها.

فهل نعلم تفاصيل عمل كان وأخواتها؟ ولماذا سميَّت بالنواسخ والأفعال الناقصة؟!

 

ما هي أخوات كان؟

قبل أن ندخل في التفاصيل المتعلقة بتصنيف كان وأخواتها في اللغة وفي تأثيرها على ما يلحقها، سنذكركم بأخوات كان سريعاً، فأخوات كان هنَّ:

  1. كانَ.
  2. أصبحَ.
  3. أضحى.
  4. أمسى.
  5. ظلَّ.
  6. صارَ.
  7. باتَ.
  8. ليسَ.
  9. دامَ.
  10. زالَ.
  11. انفكَّ.
  12. برحَ.
  13. فتئ.

والثلاثة الأخيرة ترد مسبوقة بالنفي (ما زال، ما انفك، ما برح) كما ترد دام مسبوقة بـ (ما) المصدرية (ما دام).

ولها كلُّها التأثير نفسه على إعراب ما يأتي بعدها، ولها أخوات أخرى من النواسخ لكن مع بعض الفروق في حالات المبتدأ والخبر.

ومن أخوات كان المختلفات (كاد وأخواتها) التي تعرف أيضاً أفعال المقاربة والرجاء والشروع، وهي تعمل عمل كان وأخواتها لكن لها في خبرها قواعد مختلفة.

 

لماذا تعتبر كان وأخواتها من الأفعال؟!

وقد قيل أن كان وأخواتها أحرف وليست أفعالاً لأنَّها لا تدلُّ على المصدر كما يشترط بالفعل أن يكون، لكن الإمام الأنباري في كتابه أسرار العربية يذكر لنا الدلائل على أنَّ كان وأخواتها أفعال وليست حروفاً.

فيقول الأنباري أن (كان وأخواتها) أفعالٌ ويستدلُّ على ذلك في ثلاثة أوجه:

  • الوجه الأول أنَّ كان وأخواتها تقبل دخول تاء الفاعل المتحركة عليها، كقولك (كنتُ ألبسُ القبعةَ - كنتِ تلبسين القبعةَ)، كما أنَّ كان وأخواتها تقبل دخول ألف الاثنين وواو الجماعة عليها نحو (كانوا - كانا) وهذه الضمائر تدخل على الأفعال دون الأسماء.
  • الوجه الثاني تقبل كان الاتصال بتاء التأنيث الساكنة وهي أيضاً لا تتصل إلَّا بالأفعال، على غرار (كانتْ، ظلتْ).
  • الوجه الثالث أنَّ كان تقبل التصريف، فتقول كان ويكون، وكذلك أخواتها يقبلن التصريف ما عدا ليس، فتقول صار/يصير، ظلَّ/يظلُّ.
 

يقال أن كان وأخواتها من النواسخ

النسخ في اللغة العربية يفيد إبطال الشيء وإقامة غيره مكانه، وهو ما نعرفه في الفقه الإسلامي عن الآيات المنسوخة والتي جاء ذكرها في سورة البقرة الآية 106:

"مَا نَنسَخْ مِنْ آيَةٍ أَوْ نُنسِهَا نَأْتِ بِخَيْرٍ مِّنْهَا أَوْ مِثْلِهَا أَلَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ عَلَىٰ كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ"

وتسمَّى كان وأخواتها وغيرها من الأفعال التي تعمل عملها بالنواسخ، لأنَّها تنسخ المبتدأ أي تحل محله.

فالنواسخ كما يقول النادري في كتاب (نحو اللغة العربية): هي التي تدخل على المبتدأ والخبر فتنسخ الابتداء وتحل محله فتعمل فيهما وتغير حركة إعرابهما وتلغي صدارة المبتدأ، كما تكون النواسخ قسمين رئيسيين:

  • النواسخ من الأفعال وهي، كان وأخواتها، كاد وأخواتها، ظنَّ وأخواتها.
  • النواسخ من الحروف وهي، ما وأخواتها، إنَّ وأخواتها، لا النافية للجنس.
 

تعتبر كان وأخواتها من الأفعال الناقصة كما أنَّ لها استخدامات تامة

أمَّا الأفعال الناقصة فقد سميت بهذا الاسم لأنَّها تدلُّ على معنى ناقص عند إسنادها لمرفوعاتها فلا يكتمل المعنى إلى بذكر المنصوب.

فإذا قلنا (كانَ البيتُ...) وتوقفنا عن الكلام لم يكتمل المعنى إلا بذكر المنصوب (كان البيتُ جميلاً)، على عكس الأفعال التامة التي تؤدي المعنى بإسناد المرفوع (الفاعل) فقط، والأفعال الناقصة هي كان وأخواتها وكاد وأخواتها.

استعمال كان وأخواتها تامَّة

يمكن لجميع أسماء كان أن تستخدم تامَّة فتؤدي معناها بمرفوعها فقط، ماعدا (فتئ، زال، ليس) لا يجوز استخدامها إلَّا منقوصةً.

ومن الأمثلة على استخدام كان وأخواتها تامَّةً قولنا: تدوم النعمة ما دام الشكرُ، كذلك في قوله تعالى في سورة الشورى آية 53:

"أَلَا إِلَى اللَّهِ تَصِيرُ الْأُمُورُ".

 

تدخل كان وأخواتها على الجملة الاسمية وتنسخ الابتداء

تدخل كان أو إحدى أخواتها على الجملة الاسمية، فترفع المبتدأ ويسمى اسمها (اسم كان)، وتنصب الخبر ويسمى خبرها (خبر كان) وتكتسب التأنيث والتذكير من المبتدأ.

فإذا كان المبتدأ مذكَّراً بقيت مذكَّرةً كقولنا (كان البيتُ كبيراً)، أمَّا إذا كان المبتدأ مؤنَّثاً أخذت تأنيثه كقولنا (ليستْ الدارُ كبيرةً) حيث اتصلت ليس بتاء التأنيث الساكنة لتفيد نوع الدار.

لكن لأخوات كان شروط حتى تعمل عملها، فهي تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

من أخوات كان ثمانية أفعال يعملن دائماً

القسم الأول يضم ثمانية أفعالٍ ناقصة هي (كان، أصبح، أضحى، أمسى، ظلَّ، باتَ، صارَ، ليسَ)، وهي إن دخلت على الجملة رفعت المبتدأ ونصبت الخبر دون قيدٍ أو شرط كقولنا (أمسى الليلُ كئيباً).

دام لا تعمل إلا بشروط

القسم الثاني هو ما يشترط في عملها أن تسبقها (ما) المصدرية الظرفية، ويحتل الفعل (دام) وحده هذا القسم من أخوات كان، كقوله تعالى في سورة مريم الآية 31:

"وَأَوْصَانِي بِالصَّلَاةِ وَالزَّكَاةِ مَا دُمْتُ حَيّا".

القسم الثالث من أخوات كان يلزم النفي لأداء عمله

في هذا القسم ما تبقى من أخوات كان وهي أربع (زال، انفكَّ، برحَ، فتئَ)، وهذه لا تعمل عمل كان إلَّا إذا سبقها نفيٌ أو نهيٌ أو دعاء، على غرار (ما زالَ البحرُ هائجاً/ ما انفكَّ البحرُ هائجاً).

 

أسماء كان وأخبارها

يعتبر التقديم والتأخير أمراً رئيسياً من أمور اللغة، لذلك سنذكر لكم أحكام التعامل مع أخبار كان وأسمائها من حيث جواز تقديمها، وهي كما يلي:

  • لا يجوز تقديم أسماء كان وأخواتها عليها، أي أنَّ كان لا بد أن تسبق اسمها دائماً، الذي هو مبتدأ الجملة الأصلية كقولنا (البحرُ هائجٌ/ كانَ البحرُ هائجاً).
  • يجوز لخبر كان أنْ يكونَ وسطاً بينها وبين اسمها كقولنا (البحرُ هائجٌ/ كانَ البحرُ هائجاً، كانَ هائجاً البحرُ)، أو كقول الشاعر (لا طيب للعيشِ ما دامت منغَّصةً لذَّاتُهُ) فالأصل فيها (مادامت لذَّاتُّه منغَّصةً)، ويكون هذا التوسط جائزاً ما لم يكن هناك ما يمنعه كأن يُحدث لبساً في المعنى كقولك (أصبحَ عدوِّي صديقي).
  • يجوز أنْ يتقدم خبر كان عليها وعلى أسمائها ما عدا أخبار (دام) و (ليس) وأخبار أخوات كان المنفية بـ ما، فنقول (هائجاً كان البحرُ).
 

إعراب كان وأخواتها

تُعرب كان وأخواتها على أنَّها فعل ماض ناقص يرفع الاسم وينصب الخبر، ويُعرب اسمها اسم كان مرفوع بالضمة الظاهرة أو حركته الإعرابية المقدرة، كما يعرب خبرها خبر كان منصوب بالفتحة الظاهر أو الحركة الإعرابية.

ليسَ الفقرُ عاراً: ليس فعل ماض ناقص يرفع المبتدأ وينصب الخبر، الفقرُ اسم ليس مرفوع بالضمة الظاهرة على آخره، عاراً خبر ليس منصوب بالفتحة الظاهرة على آخره.

خلاصة:

  • تنقسم كان وأخواتها إلى ثلاثة أقسام من حيث شروط عملها:
  1. (كان، أصبح، أضحى، أمسى، ظلَّ، باتَ، صارَ، ليسَ) تعمل عمل كان دائماً دون قيد أو شرط.
  2. (دام) ويشترط فيها أن تكون مسبوقة بـ (ما) المصدرية، فتصبح (ما دام).
  3. (زال، انفكَّ، برحَ، فتئَ) ويشترط فيها أن يسبقها نفيٌ و نهيٌ أو دعاء.
  • كان وأخواتها من الأفعال الناقصة، ويجوز استخدامها تامَّةً ما عدا (فتئ، زال، ليس) لا يجوز أن تكون إلَّا ناقصة.
  • تسمَّى كان وأخواتها بالناسخة لأنَّها تنسخ المبتدأ وتحل محلَّه.
  • تدخل كان وأخواتها على الجملة فتبقي المبتدأ مرفوعاً ويسمَّى اسمها، وتنصب الخبر ويسمَّى خبرها.
  • لا يجوز لاسم كانَ أنْ يتقدم عليها، فيما يجوز لخبرها أن يتوسط بينها وبين اسمها ما لم يكن هناك ما يمنع ذلك في المعنى، كما يجوز لخبر كان أنْ يتقدم عليها وعلى اسمها ما عدا أخبار أخوات كان المنفية بـ (ما)، وأخبار (ليس) و(دام) لا يجوز أن تتقدم على كان وأخواتها أو على اسمها.