كل ما تريد معرفته عن صلاة التهجُّد: فضلها ووقتها وعدد الركعات
يعيش العالم الإسلامي في هذه الأيام، نفحات العشر الأواخر من شهر رمضان المبارك، التي تمتاز بأنها الأيام الأكثر مباركة خاصة أنّ بها ليلة القدر التي نزلت فيها سورة قرآنية لعظمة هذه الليلة، وله أجراً عظيماً في العبادة إذ أنها تساوي ألف سنة كاملة في العبادة، ويحرص فيه االرسول صلى الله عليه وسلم على الدعاء ولصلاة وقراءة القرآن الكريم، وفي السطور التالية نقدّم لكم نصائح كي تُقبل الصلاة بإذن الله، ونوضّح لكم كل ما يخص صلاة التهجد وقيام الليل في رمضان ووقتها، وعدد ركعاتها، وما هو الدعاء الذي ورد في السنة النبوية، استعداداً لتلك الأيام المباركة.
صلاة التهجُّد:
تعتبر صلاة التهجد هي ذاتها قيام الليل، وهي سنة نبوية قال عنها الرسول (ص): "أَحَبُّ الصَّلاةِ إِلَى اللَّهِ صَلاةُ دَاوُدَ، وَأَحبُّ الصيامِ إِلَى اللَّهِ صِيامُ دَاوُدَ، كانَ يَنَامُ نِصْفَ اللَّيْل وَيَقُومُ ثُلُثَهُ ويَنَامُ سُدُسَهُ وَيصومُ يَومًا وَيُفطِرُ يَومًا"، وقال الله تعالى في كتابه: "وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَىٰ أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا".
فضل صلاة التهجُّد:
هذه الليالي المُبَاركات، من أعظم ليالي الله، تَتَنَزَّل فيها رحماته، وتَعْظُم هباته، ويعتق خلقًا كثيرًا من عباده من النار، وأحظى الناس بذلك من عمروا هذه الليالي بطول القنوت، والتَّدَبُّر والخشوع، وكثرة الركوع والسجود، وألَّحوا على الله تعالى بالدعاء في أوقات تجليه سبحانه لعباده، ونزوله إلى سماء الدنيا؛ ليعطي السائلين، ويغفر للمستغفرين، ويجيب دعاء الداعين، بينما غيرهم في سُبات ورقدة، أو لَهْوٍ وغَفْلة.
وقت صلاة التهجُّد:
التهجُّد هو آخر الصلوات في الليل، وقبل صلاة الفجر وطلوع الشمس، ويقال ان أفضل وقت لصلاة التهجد هو الثلث الأخير من الليل.
وكما ذكرنا أنّ التهجد هو قيام الليل فقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم، يصليها في شهر رمضان وغيره من الشهور، وقالت السيدة عائشة رضي الله عنها عن النبي صلى الله عليه وسلم: " كَان يقُومُ مِنَ اللَّيْلِ حتَّى تتَفطَرَ قَدمَاهُ، فَقُلْتُ لَهُ، لِمْ تصنعُ هَذَا يَا رسولَ اللَّهِ، وقدْ غفَرَ اللَّه لَكَ مَا تقدَّمَ مِنْ ذَنبِكَ وَمَا تأخَّرَ؟ قَالَ: أَفَلاَ أُحِبُّ أَنْ أكُونَ عبْداً شكُوراً؟ فَلَمَّا كَثُرَ لَحْمُهُ صَلَّى جَالِسًا، فَإِذَا أرَادَ أنْ يَرْكَعَ قَامَ فَقَرَأَ ثُمَّ رَكَعَ".
عدد ركعات صلاة التهجُّد:
ليس لصلاة التهجد عدد معين، إذ يمكن أن يصليها المسلم بالعدد الذي يرغبه، وذلك بحسب ما أفاد به العلماء المسلمين، وقيل أنّ الرسول صلى الله عليه وسلم كان لا يزيدها عن إحدى عشرة ركعة وقيل ثلاثة عشر ركعة".
كيفية صلاة التهجُّد:
في البداية على المسلم أن يعقد النية لصلاة التهجد، ثم يتوضأ ويُحس وضوءه، وكان النبي (ص) يُصليها مثنى مثنى، وتطويل القراءة في الركوع والسجود، وجاء في روى حذيفة رضي الله عنه أنه صلى مع النبي صلى الله عليه وسلم ذات ليلة فقرأ بسورة البقرة ثم بسورة آل عمران، وهو ما يعني أنّ الرسول (ص) كان يُطيل في صلاة الليل.
دعاء صلاة التهجُّد:
كان النبي صلى الله عليه وسلم، إذا قام الليل يتهجد يدعو به كما ورد عن ابن عباس رضي الله عنهما، وهو: "اللَّهمَّ لَكَ الحمدُ أنتَ ربُّ السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ، ولَكَ الحمدُ أنتَ قيُّومُ السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ، ولَكَ الحمدُ أنتَ نور السَّمواتِ والأرضِ ومن فيهنَّ ، أنتَ الحقُّ، وقولُكَ الحقُّ، ووعدك حقٌّ، والجنَّةُ حقٌّ، والنَّارُ حقٌّ، والنَّبيُّونَ حقٌّ، ومحمَّدٌ حقٌّ، اللَّهمَّ لَكَ أسلمتُ، وبِكَ آمنتُ، وعليْكَ توَكَّلتُ، وإليْكَ أنَبتُ، وبِكَ خاصَمتُ، وإليْكَ حاكمتُ، فاغفِر لي ما قدَّمتُ وما أخَّرتُ، وما أسررتُ وما أعلَنتُ، أنتَ إلَهي لاَ إلَهَ إلَّا أنتَ".
صلاة التهجُّد وقيام الليل في القرآن الكريم:
قيام الليل جاء الأمر به في القرآن كثيراً، في العديد من الآيات، وأبرزها:
سورة ق ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَأَدْبَارَ السُّجُودِ ﴾ [ق:40].
سورة الطور ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَسَبِّحْهُ وَإِدْبَارَ النُّجُومِ ﴾ [الطُّور:49].
سورة الإنسان ﴿ وَمِنَ اللَّيْلِ فَاسْجُدْ لَهُ وَسَبِّحْهُ لَيْلًا طَوِيلًا ﴾ [الإنسان:26].
وأثنى سبحانه وتعالى على المتهجدين فقال ﴿ أَمْ مَنْ هُوَ قَانِتٌ آَنَاءَ اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الآَخِرَةَ وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ ﴾ [الزُّمر:9].
وفي الأمم التي سبقتنا صالحون متهجدون يقومون بآيات الله تعالى والناس نيام فامتدحهم الله تعالى بذلك ﴿ مِنْ أَهْلِ الكِتَابِ أُمَّةٌ قَائِمَةٌ يَتْلُونَ آَيَاتِ الله آَنَاءَ اللَّيْلِ وَهُمْ يَسْجُدُونَ ﴾ [آل عمران:113].
وذكر سبحانه في الفرقان صفات عباده عز وجل، ومنها ﴿ وَالَّذِينَ يَبِيتُونَ لِرَبِّهِمْ سُجَّدًا وَقِيَامًا ﴾ [الفرقان:64]، ثم بين سبحانه أن مأواهم الجنة بقوله سبحانه ﴿ أُولَئِكَ يُجْزَوْنَ الغُرْفَةَ بِمَا صَبَرُوا وَيُلَقَّوْنَ فِيهَا تَحِيَّةً وَسَلَامًا * خَالِدِينَ فِيهَا حَسُنَتْ مُسْتَقَرًّا وَمُقَامًا ﴾ [الفرقان:75 - 76].
وفي مقام آخر ذكر سبحانه وتعالى ما أعد لعباده المتقين في الجنة من النعيم المقيم، وذكر من صفاتهم ﴿ الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالقَانِتِينَ وَالمُنْفِقِينَ وَالمُسْتَغْفِرِينَ بِالأَسْحَارِ ﴾ [آل عمران:17].
وفي موضع ثالث أخبر عز وجل أن للمتقين جنات النعيم، وذكر من أعمالهم أنهم ﴿ كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ ﴾ [الذاريات:17].