لغة العيون وتفسير النظرات
This browser does not support the video element.
لقد انتبه الإنسان إلى أهمية العيون في التواصل منذ زمن بعيد، حيث لا تخلو حياتنا اليومية من الإشارات الكثيرة التي تدل على مدى أهمية العين في كشف العديد من الأسرار التي يحاول الناس إخفاءها أحياناً.
فمثلاً يقول الأب لابنه عندما يستجوبه عن خطأ ما "انظر في عينيَّ مباشرةً" وكأنَّه يريد أن يكتشف الكذب من الصدق عن طريق النظرات، كما أنَّ البعض يصرح فيقول: "أنا أعرف الكاذب من عينيه".
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
عبر التاريخ أخذت العيون أهمية كبيرة في وصف الحالات الانفعالية المختلفة
إذا حاولنا أن نحصي كمية الجمل الشائعة التي تتحدث عن تعابير العيون وأنواع النظرات ودلالاتها سنجد أنفسنا أمام معجم كبير من الجمل والأمثال والأبيات.
حيث أنَّنا جميعاً نبدأ الوصف من العيون ونطلق عليها صفاتاً توضح مزايا الشخصية، مثل أن نقول (له عيون ذئب) دلالة على الشر والخبث.
أو أنْ نقول (نظرتْ إليَّ نظرةً حالمة)، كلُّ هذه الإشارات تجعلنا ندرك مدى قدرة العيون على نقل الرسائل وترجمة الأفكار، كما أنَّ العين تعبِّر عن سمات ثابتة أحياناً كما هو الحال في القول الشعبي (عينه فارغة أو ضيقة) التي تعبر عن الحسد.
كذلك عندما نصف أمراً واضحاً فنقول (واضح مثل عين الشمس)، كذلك نقول أنَّ لفلان عينٌ حزينة، أو عينٌ خبيثة.
فالعين إذاً... مرآة الشخصية التي تعكس كلَّ صفاتها وانفعالتها أو أغلبها، وهذا ما يتفق عليه الجميع من باحثين مختصين في لغة الجسد أو من عامة الناس، حتى أنَّ مجنون ليلى يستقرأ أحوال حبيبته من عيونها فيقول:
فأعرفُ منها الودَّ من لينِ طَرفِها وأعرفُ منها الهجرَ بالنظرِ الشزرِ
لماذا تفضحنا العيون؟!
عام 1981 قدم المؤلفان آلان وباربرا بييز كتاباً بعنوان لغة الجسد (Body Language)، ثم تابعا تطوير ملاحظاتهما ودراستهما وأصدرا العديد من الكتب في الموضوع ذاته.
لكن أحد أهم هذه الكتب كان إعادة صياغة الكتاب الأول عام 2006 تحت عنوان المرجع الأكيد في لغة الجسد (The Definitive Book of Body Language).
حيث تقدر مبيعات المؤلفين بملايين النسخ من هذا الكتاب وغيره من الكتب التي جميعها تتحدث عن لغة الجسد وما يتفرع عنها.
يقول المؤلفان في الفصل المخصص للعيون من كتابهما المرجع الأكيد في لغة الجسد:
"نقول أيضاً للشخص عينين كعيني بيت ديفينز، عينين إسبانيتين، عينين شهوانيتين، قاسيتين، غاضبتين، شاحبتين، حزينتين، سعيدتين (...) عندما نستخدم هذه العبارات نشير بدون قصد لحجم حدقة عين الشخص، ولأسلوبه في النظر والتحديق".
الفكرة التي يطرحها المؤلفان تؤكد أن اتساع حدقة العين وتضيقها لا يتعلق بظروف الإضاءة فحسب، حيث أنَّ الحدقة تتسع وتضيق نتيجة المشاعر والانفعالات التي تصيبنا.
فمثلاً قد نقرأ وصفاً في إحدى الروايات "تدوَّرت عيناها عندما رأته عند باب الحديقة"، أنتَ فعلياً تفهم الحالة الشعورية لبطلة الرواية دون أن تراها، لأنَّك تعرف ودون أن نقول لك أن اتساع العيون يدل على الدهشة أو الإثارة أو الشهوة.
ومن خلال سياق القصة تستطيع أن تعرف أي الدلالات لاتساع عيني البطلة، ولك أن تكون واثقاً أنَّ الكاتب استخدم هذه الإشارة دون أن يدرسها دراسةً مسبقة.
ودون أن يفكر كثيراً بحقيقة أن العيون تتسع عندما يشعر المرء بالإثارة أو الشهوة أو الدهشة والحماسة...
ما نحاول قوله أنَّ لغة الجسد تكاد تكون حاسة إضافية مثل الحواس التي نعرفها، فنحن نخزن أشكال العيون وردَّة فعلها في المواقف المختلفة.
ثم نقوم بشكل بديهي بتحليل هذه النظرات لاحقاً لنتعرف على القصد منها، كما نقوم بتمثيل بعضها لننقل رسالة ما بشكل إرادي.
وهذا ما يفسر تطور حسِّ الفراسة لدى كبار السنِّ لأنهم تعرضوا لمواقف كثيرة وتعاملوا مع أشخاصٍ مختلفين في الطباع، فتمكنوا من تشكيل (كاتالوج) في ذاكرتهم يساعدهم على تمييز الأشخاص بسرعة أكبر وتصنيفهم بدقة.
حيث لا يشترط أن تقرأ كتب آل بييز أو غيرهم أو حتَّى هذه المادة لتتمكن من تحليل النظرات بطريقة جيدة نوعاً ما، لكنكَ ستضطر لإتمام هذه المادة وربما التوسع أكثر إن كنت تريد أن تكون محترفاً في تفسير لغة العيون.
اتساع وضيق الحدقات ودلالتها
جميعنا يعلم أن حدقة العين تضيق وتتسع وقفاً لكمية الضوء التي تتعرض لها العين، وتكون هذه العملية أوتوماتيكية لا يمكن للإنسان أن يتحكم بها فالحدقة تضيق عند تعرضها لكمية كبيرة من الضوء.
كما تتسع في الظلام لتسمح للضوء بالدخول إلى العين أكثر.
لكن هناك عدّة أمور أخرى تغير من حجم حدقة العين بغض النظر عن الضوء، كما أنَّ الإنسان يتخذ موقفاً أو يبني تصوراً أولياً عن الشخص الذي يقابله من خلال حجم حدقة العين.
ذلك دون أن يعرف هو نفسه أنَّه يفعل ذلك! فالحدقة تعبر عن السعادة والحزن كما تعبر عن المحبَّة والكره...إلخ.
وكان أبرز من بحث في هذا الأمر البروفيسور ايكهارد هيس (Eckhard Hess) رئيس قسم علم النفس في جامعة تشيكاغو (University of Chicago).
حيث تمكن هيس في نهاية الخمسينات من ملاحظة استجابة حدقة العين وفقاً للمشاعر، فقام بإجراء أبحاث موثقة على مدى سنوات ليتأكد أن حدقة العين تتسع مع المشاعر الإيجابية كالسعادة والحماسة والإثارة الجنسية.
وتضيق مع المشاعر السلبية كالغضب والاشمئزاز.
وكان لنظرية هيس أثرها الكبير على استراتيجيات التسويق في كبرى الشركات التي عدلت في الإعلانات المصورة لتجعل حدقات عيون موديلات الإعلانات متسعة.
كما أن آل بييز نفسهم (مؤلفو كتاب المرجع الأكيد في لغة الجسد) يذكرون أنَّهم استخدموا أبحاث هيس في تطوير الإعلانات:
"وقد قمنا بتطبيق هذا البحث في عالم الأعمال، وأظهرنا كيف يعتبر الناس العارضات أكثر جاذبية في الصور إذا تم تعديل الصورة لتوسيع منطقة حدقة العين (...) واستطعنا من خلال استخدام كتيبات مصورة في حملة مباشرة بالبريد أن نساعد على زيادة مبيعات طلاء الشفاه من نوع ريفلون بنسبة 45% وذلك لتوسيع حجم حدقة عين العارضات في الصور".
يمكن أن نلخص التأثيرات التي تغير من اتساع حدقة العين كالآتي:
- لاتساع حدقة العين تأثير متبادل بين الأشخاص، فالرجل الذي ينظر إلى صورة امرأة بحدقة واسعة تتسع حدقته، والعكس صحيح.
- تتسع حدقة العين عند التعرض لمثيرات جنسية، حيث أكد إكهارد هيس أن الذكور والإناث تتسع حدقاتهم عند مشاهدة صورة مختلفة عنهم بالنوع، فيما تضيق الحدقة عند مشاهدة صور لأشخاص من نفس النوع.
كما أن الصور المثيرة جنسياً كانت قادرةً على توسيع حدقة العين بشكل كبير، حيث اتسعت حدقة عين الذكور أكثر من ثلاثة أضعاف عند مشاهدة الأفلام الإباحية.
فيما اتسعت حدقات النساء لأقصى درجة ممكنة من الاتساع عند مشاهدة الأطفال الصغار مع أمهاتهم!.
- تتسع الحدقة عند ممارسة أو مشاهدة أشياء محببة مثل سماع الموسيقا، بينما تضيق عند مشاهدة الأشياء السلبية مثل أخبار الحروب أو الأشخاص العاجزين.
- النشاط الذهني أيضاً يؤدي إلى اتساع حدقة العين، وتصل إلى أقصى حدودها عندما يتوصل الشخص إلى حل المشكلة التي يفكر بها.
- يعتقد آل بييز أن اللقاءات الرومانسية تكون فعالةً أكثر في الأماكن خافتة الإضاءة لأنها تساعد على إبراز اتساع حدقة العين، وأنَّ العشاق ينظرون في عيون بعضهم بحثاً عن اتساع الحدقة التي تترك أثراً إيجابياً.
- إذا أردنا أن نفكر بهذه المعلومات ونبحث عنها في حياتنا اليومية، سنجد أنَّ رسامي الرسوم المتحركة لجأوا إلى الحدقات المتسعة، كذلك شركات تصنيع ألعاب الأطفال تعتمد بشكل كبير على الدمى ذات الحدقة المتسعة.
وإذا كنتم قد شاهدتم فيلم الرعب الشهير (العروس تشاكي Chucky) لا بد أنَّكم تتذكرون تلك العيون الخرزية الضيقة، كما أنَّ مصمم الدمية المرعبة لجأ إلى لون العين الفاتح لإبراز تضيق الحدقات أكثر.
مما يساعد على إقناع المشاهد بمدى شر هذه الدمية.
لولا بياض العين لما تمكنا من معرفة اتجاه النظر
"الإنسان هو الوحيد ين الرئيسيات الذي يمتلك بياضاً في العين"، كما أن لأثنى الإنسان بياض عين أوضح مما للذكر، حيث أن التفاوت اللوني بين البياض والقزحية يجعل من السهل تحديد اتجاه نظر الإنسان.
كما أنَّ العيون الأكثر بياضاً والتي يكون بياضها صافياً وناصعاً تعتبر أكثر جاذبية؛ لأنها تساعد على توضيح اتجاهات النظر إضافة إلى توضيح مدى اتساع الحدقة، كذلك هي العيون الملونة تساعد على بيان مدى اتساع الحدقة.
إيماءات العيون تشكل جزءاً كبيراً من رسائل الجسد
الاتصال بالعين (Eye Contact) يشكل جزءاً كبيراً من الرسائل التي يبعثها الإنسان إلى الأشخاص المحيطين به، ولنتمكن من فهم مدى تأثير رسائل العيون سنفترض لقاءاً بين رجل وامرأة للمرة الأولى.
سنلاحظ أن العيون هي أول ما يبدأ ببعث الإشارات المتبادلة، فإذا كان هناك استلطاف بين الطرفين ستبدأ القصة مع اتساع الحدقة، كما سيقوم الرجل بإيماءة من حاجبيه تدل على التحية.
وقد تبادله المرأة التحية بنفس الطريقة أو قد تعبر عن الخجل من خلال إنهاء الاتصال بالعيون مع ابتسامة وحني الرأس، ثم تستأنف الاتصال مجدداً بالعيون.
أما إذا كان الاتصال مزعجاً للمرأة مثلاً ستقوم بإبعاد نظرها فوراً وكأنها تقفل سماعة الهاتف في وجه شخص مزعج.
وإذا كانت أكثر جرأة سترمقه بنظرة غاضبة مع حدقتين ضيقتين، تعالوا لنتعرف معاً على أبرز إشارات وإيماءات العيون التي نواجهها يومياً.
هل تتخيل مدى دقة الجملة القائلة (تطاير الشرر من عينيه)؟!
ربما سنحتاج لمعرفة بعض الإيماءات التي نتعامل معها بشكل يومي ونفهمها دون أن نفسرها بشكل تحليلي:
إيماءات الحاجبين
نحن نستخدم الحاجبين أكثر مما نظن، كما أن الوضع الطبيعي للحاجبين يترك انطباعاً معيناً لدى الأشخاص الآخرين، ويمكن أن نلخص إيماءات الحاجبين وفق عدَّة رسائل نرسلها بواسطة تحريك الحاجب:
- التحية برفع الحاجب: وهي إشارة عالمية وفطرية، حيث يعتبر رفع الحاجبين بمثابة ترحيب بالشخص الذي دخل للتو، وهو حركة تعبر عن المودة، فإذا قمت بتحية شخص لا تعرفه بواسطة رفع الحاجبين إمَّا أن يرد عليك التحية بنفس الأسلوب، أو أن يرد عليك بإرخاء الحاجبين مستهزئاً أو بإقطابهما غاضباً.
- التحية بتضييق العين واغماضها: وهذه التحية معاكسة تماماً للحالة الأولى، فهي تدل على عدم الرغبة في إلقاء التحية، أو على مشاعر سلبية بين الشخصين، على الرغم من أنَّ الابتسامة ترافقها للمجاملة لكن فعلياً ما يحصل أن التحية في الحالة الودية تكون برفع الحاجبين وتوسيع العيون مع إمالة الرأس إلى أعلى، فيما تكون الحالة السلبية مع تضيق العيون وهزِّ الرأس إلى أسفل وإقطاب الحاجبين.
- الوجه البريء: عندما نقوم بتوسيع العينين ورفع الجفون والحاجبين تعبيراً عن البراءة، وهذا تعبير نسوي معروف القصد منه هو الظهور بمظهر البريء.
شكل الحاجبين
عادة ما يقوم الرجال بتنظيف حواجبهم من الأعلى لتبدو العيون أكثر ضيقاً؛ مما يعطي انطباعاً بالسيطرة والقوة، فيما تقوم الإناث برفع الحواجب ووضع المكياج المناسب للعيون لتبدو أكثر اتساعاً.
مما يعطي انطباعاً وديَّاً، عموماً فإنَّ الحواجب المقوسة بالتساوي تساعد على إثارة التعاطف في الآخرين فيما تكون الحواجب الحادَّة والمثلثة أكثر عدوانية.
نظر إليَّ نظرةً غاضبة!
طريقة النظر أيضاً مع اتجاه الرأس تلعب دوراً كبيراً في فهم الرسالة التي يرسلها العقل، وغالباً ما يكون التحكم الإرادي في هذه الإشارات صعباً ومعقداً.
خاصة وأنَّ المختصين في العصر الحديث صاروا يراقبون هذه الحركات عبر تبطيء الصور ومراقبة الانفعالات التي تظهر على الوجه خلال أجزاء من الثانية، ما يجعل تمثيل هذه الانفعالات أو تجنبها أمراً صعباً ومعقداً.
كما أنَّه سيكون مستحيلاً في بعض الحالات كما يحصل مع اتساع الحدقة وتضييقها، فالفكرة الرئيسية من هذه العملية هي رغبة العقل اللا إراديةً في التركيز على أمرٍ ما أو استقبال قدر أكبر/أقل من المعلومات.
فيقوم بتوسيع الحدقة وتضييقها، كما أنَّ هناك مجموعة من النظرات الشائعة التي يمكن ملاحظتها ببساطة:
النظر إلى الأعلى مع إيماءة الرأس
هذه النظرة تحمل معنى الخضوع التام، فإذا ترافقت مع ابتسامة كان المعنى هو الخضوع الإيجابي، أما إذا ترافقت مع العبوس فهي تدلُّ أكثر على الانكسار والخضوع القسري.
فيما سنجد أن رفع الرأس مع مط الرقبة والنظر إلى أعلى يمثل نمطاً لممثلات الإغراء كما يذكر آل بييز، ومن أشهر من استخدم النظرة الأولى كانت الأميرة ديانا، فيما كانت مارلين مونرو من أشهر من استخدم النظرة الثانية.
كذاب بعينك!
يستخدم الإنسان النظر في العيون لتمييز الكاذب من الصادق، ويُعتقد أنَّ الكاذبين يحاولون أن ينظروا بعيداً لتجنب اكتشاف أمرهم.
لكن في نفس الوقت تشير الأبحاث المذكورة سابقاً أنَّ الكذَّابين يميلون إلى التحديق في عين مخاطبهم مباشرة كنوع من المراوغة، فالكاذب يعلم أنَّه إن تجنب النظر المباشر سينكشف كذبه.
لذلك يلجأ إلى تنفيذ ما هو غير متوقع فينظر إلى عيون مخاطبه بقوة، لكن إذا كان الطرف الآخر متمرساً سيتمكن من رصد تغير اتساع حدقة العين كذلك رعشات الجفون وتغيرات اتجاه النظر.
في بلاد الشام يقال للكاذب (كذَّاب بنص عينك)، أو يقال (كذَّاب بعينه).
غلق العين
غلق العين هو ردَّة فعل طبيعية يقوم بها الإنسان في عدّة مواقف لكن السبب واحد، إنَّه يرغب في الانفصال عن ما هو في الخارج.
سواء كان الهدف من هذا الانفصال هو تجنب أشياء سيئة أم كان الهدف من ذلك هو الغرق في الخيال واستحضار بعض الصور.
لكن الثابت أن الإنسان يمارس هذا السلوك بشكل فطري، حيث يقوم بإغلاق عينيه عند سماع أخبارٍ مؤلمة أو مثيرة للاشمئزاز، ويكون الإغلاق قوياً ومتشنجاً كما قد يستخدم يده، أمَّا في الحالة الحالمة يكون الإغلاق مسترخياً تماماً.
يشير جو نافرو (Joe Navarro) في كتابه (ما يقوله كل جسد What every Body saying) إلى أنَّ الأجنَّة في الأرحام تقوم بإغلاق العيون كحركة فطرية عند سماع أصوات عالية.
كما أنَّ الأشخاص المكفوفين ولادياً يقومون بهذه الحركة ذاتها!.
رفة العين أو اختلاج العيون
عادة ما تغلق العين وتنفتح بشكل لاإرادي حوالي 8مرَّات في الدقيقة الواحدة، وتكون مدَّة الإغلاق فعلياً أقل من 1/10 من الثانية، لكن عدد رفات العين تزداد بشكل ملحوظ في حالات الارتباك، سواء كانت ناتجةً عن الكذب أو الخوف، وقد تصل مدة الإغلاق إلى أكثر من ثانيتين متواصلتين! خاصة في حالات الملل أو عدم الاهتمام.
التحديق الطويل والتحديق القصير
هناك الكثير من الأمور التي تتعلق بطريقة التحديق وبزمنه، لكن عموماً يمكن أن ننتبه إلى أن الأشخاص المقربين أو العشاق يطيلون التحديق بعيون بعضهم أكثر من غيرهم.
كما أنَّ التوقف عن التحديق هو بمثابة الإعلان عن عدم الاهتمام، أو انتهاء مدة الاتصال المسموح بها، لنقل مثلاً أنَّك في دائرة رسمية وتريد أن تسأل الموظف سؤالاً ما.
ستلاحظ أنَّه يرفع رأسه وينظر إليك ويقول المعلومة الرئيسية ثم يعود إلى ما كان يعمله ويستمر بشرح الإجابة، لكنه أرسل الرسالة الرئيسية التي اعتبرها الأهم في العملية كلِّها.
النظر بازدراء
جميعنا يلاحظ هذه النظرة فوراً، فهي مميزة جداً وغالباً ما تكون مع حركة من الرأس أو تثبيت الرأس بشكل جانبي.
وسنجد أيضاً في حياتنا اليومية تعبيراً يشير إلى هذه النظرة (نظرت إليه من الأعلى إلى الأسفل)، أو (نظرت إليه بطرف عيني وقلت له اخرس).
لم يرغب الجاسوس أن يعترف لفظياً لكنَّ عينه فضحته
كان جو نافرو يعمل مع المباحث الفيدرالية الأمريكية، ويروي لنا في كتابه (ما يقوله كل جسد) أنَّه في عام 1989 أمسكت المباحث الفيدرالية بجاسوس.
وعلى الرغم من كون الجاسوس متعاوناً في التحقيق لكنه كان متردداً في ذكر أسماء شركائه، فقرر المحقق أن يلجأ إلى التعرف عليهم من خلال لغة الجسد.
حيث قام المحقق بجمع اثنتين وثلاثين صورةً للأشخاص المشتبه بهم أنَّهم شركاؤه، ثم قام بعرضها على الجاسوس وطلبّ منه أنْ يخبرَه بما يعرفه عن كل شخص.
وقام بمراقبة ردَّة فعله الجسمانية بغض النظر عمَّا يقوله فعلياً، ما حصل أن الجاسوس أبدى إشارة غير لفظية من خلال عيونه عند اسمين محددين.
فلما رأى صور الشخصين قام أولاً بتوسيع الحدقة ثم تضييقها وإغلاق العين قليلاً، فعلياً ما حصل أن العين اتسعت أمام الرغبة بالتأكد من هوية الأشخاص في الصورة.
ثم قام بتضييقها لرغبته بعدم رؤية المزيد وتعبيراً عن شعور سلبي، وأغلق عيونه لأنَّه شعر بالخطر! وعندما توصلت المباحث إلى الأشخاص تبين أنَّهم شركاؤه الحقيقيون.
ختاماً... لا بد أنَّنا جميعاً نهتم بشكل كبير بالنظرات التي نتلقاها ونفسرها دون أن نتلقى تدريباً تقنياً على هذا الأمر، كما أنَّنا إذا أطلنا النظر في الشعر والأدب إضافة إلى الأمثال الشعبية.
سنجد الكثير من الإشارات إلى أهمية العيون ونظراتها، هل سمعتم عن المثل القائل (العين مغرفة الكلام)؟! شاركونا آراءكم عبر التعليقات.