ما معنى شر البلية ما يضحك؟ ومتى تقال؟
This browser does not support the video element.
ولج المنزل بعد أن انتهى من مراقبة إفراغ مائتي طنٍّ من السكر، كانت الساعة الثانية عشر صباحاً، وكانت يداه ترتعشان من البرد، ولا يغطي جسده سوى قميصٌ رقيقٌ ورثٌّ، استقبلته زوجته بوجهها المتكدّر.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
لم يكترث بالعشاء الّذي أقصيت منه كل الصّحون التي حلم بها كلّ يوم؛ لأنه كان يفكر بكوب الشّاي الذي تعدّه له زوجته وبسيجارته التي لم يشعلها منتظراً الشاي.
أتت الزوجة تحمل صينيّة الشاي، والزوج يستمتع بقرقعة الأقداح الفارغة، وضعت الصينيّة على الطاولة، ثمّ بدأت تسكب الشاي، والزوج ينتشي أكثر فأكثر مع رائحة الشاي والبخار المتصاعد من الأقداح.
وما أن فتحت الزوجة علبة السكر حتى وجدتها فارغةً، حدّقا طويلاً بالعلبة الفارغة، وقال الزّوج في نفسه: بهذه اللّيلة شهدت إفراغ أطنانٍ من السكر ولا يوجد في بيتي ذرّةٌ واحدةٌ.
ثم نظر إلى زوجته وانفجرا ضاحكين. بقصّة الضحك في آخر الليل يلخص الكاتب السوري عبدلله عبد مقولة "شر البلية ما يضحك"، التّي تعني أن يضحك المرء من بلاءٍ يصيبه.. سنتحدث في هذا المقال عن أصل هذه المقولة ومعناها وتاريخها.
ما معنى شر البلية ما يضحك
- يشير جزء شر البلية إلى الشر الذي يتعرض له الإنسان في حياته، وهُنا تشير العبارة إلى أشدّ البلاء الذي قد يحل بالإنسان، فالبلية تعني المصيبة التي تقع على ظهر الإنسان.
- بينما جزء ما يضحك إلى الأمور التي تتسبب بالضحك.
- وعبارة شر البلية ما يضحك تعني في مجملها: حال الإنسان عندما تقع على عاتقه إحدى مصائب الدنيا في غير أوانها، فيدفعه ذلك التعجب أو الضحك الاستنكاري.
شر البلية ما يضحك.. عطلةٌ رومانية بعد الموت
شر البلية ما يضحك متى تقال؟ شرّ البلية ما يضحك، أو الضحك من الأشياء السيّئة التي تصيب المرء.. كثيراً ما تُذكر تلك العبارة في المواقف المؤلمة، إذ ينفجر الإنسان ضاحكاً رغم الحزن الذي يعتريه.
اُستخدمت هذه العبارة لدى الألمان وكان يشار إليها بكلمة (Shadenfroh) أي الفرح مع الألم والأذى، بينما في الإنكليزية فقد اُستخدمت عبارة (Roman Holiday) أي عطلةٌ رومانية.
وهي بالأساس أخذت من قصيدة شيلدهارلود (Childe Haold) للشاعر البريطاني جورج غوردون (Georg Gorden) حيث يصف في القصيدة تجربته وألمه ومعاناته، وفرحه رغم ذلك.
فيشبّه نفسه بالمصارع الروماني الذي يتألم ويتعذب في القتال، لكنه يبقى فرحاً بمجابهة الموت.
كما أن الناس الذين يشاهدون الصراع يُبنى فرحهم وهتافهم ومتعتهم على ألم وموت أحد المصارعَين (حيث كانت لعبة المصارعة الرومانية من ألعاب التسلية لدى الرومان، وقانونها يقضي بألا يتوقف القتال إلّا بموت أحد المصارعَين).
بعدها درج استخدام عبارة "عطلة رومانية" للتعبير عن حالة الضحك أو الفرح رغم الحزن.
مقتطفات من قصيدة شيلدهارلود للشاعر جورج غوردون
أرى أمامي كذبة المصارع يميل على يده، وجبينه الرجولي، يوافق على الموت، لكنه ينتصر على العذاب
ورأسه المتدلّي ينهار تدريجيّاً إلى الأسفل، ومن جانبه تنحسر قطراته الأخيرة ببطء
من جرح أحمرٍ تتساقط بسرعة واحدةً تلو الأخرى، مثل أول رعد ينهمر، والآن.. الساحة تسبح من حوله
لقد ذهب، قبل أن تتوقف الهتافات الّلاإنسانية التي كانت تقول، فاز البائس، وذُبح ليصنع عطلةً رومانّية.
تعابير اختلط استخدامها مع عبارة شر البلية ما يضحك
عندما يخرج (الضحك من الألم أو المصائب) عن دائرة الإنسان الشخصية والذاتية، تُقلب كل المعاني التي تحملها "عبارة شر البلية ما يضحك" لتصبح تعبيراً عن الفرح بألم الآخرين أي "شماتة".
فهنا ينشأ الضحك من الشعور بالنّأي عن المصائب والسلامة دون الآخر، كما يترافق ذلك مع الشعور بالتفوق أيضاً.
وعن الشماتة أو الضحك من ألم الآخرين قال الفيلسوف توماس هوبز: "قد ينشأ الضحك من الشعور بالتفوق عند رؤية شخص آخر يقع في مصيبة، فالضحك مباشرة بعد رؤية أحد الأشخاص يقع بمأزقٍ هو امتداد لشعور المجد المفاجئ".
كما قد يكون الضحك على شخص أصابه ألمٌ هو سخريةٌ للتقليل من شأن هذا الشخص، وينتاب بعض الأشخاص الشعور بالقوّة لرؤية غيرهم في موضع ضعف فينفجرون ضحكاً.
ومن التعابير التي تمثل العكس لتعبيري (شر البلية ما يضحك والشماتة) هو الفرح المتعاطف، أي الفرح والضحك بسبب فرح الآخرين، ومشاركتهم شعورهم السّعيد.
أخيراً.. إنّ مقولة شر البلية ما يضحك مقولةٌ شائعة لدى أغلب شعوب العالم، استخدمت بالألمانية بمعنى (FrohShaden) أي الفرح مع الألم والضرر.
والتي اُستمدت من الفرح الذي كان يبنى على عذاب وموت أحد المصارعين في لعبة المصارعة الرومانية قديماً.
من ثم أصبحت تستخدم عبارة عطلة رومانية (Roman Holiday) في اللغة الإنكليزية والتي استمدّت بالأصل من قصيدة هارلودشيلد الشاعر البريطاني جورج غوردون الذي شبّه نفسه بالمصارع الروماني في القصيدة.
أيضاً هناك اختلاط بين مقولة شر البليّة ما يضحك وتعابير أخرى مثل الشماتة، التي تعني الضحك على مصائب الآخرين، كما تختلف مقولة "شر البلية ما يضحك" عن عبارة "التعاطف الفرح"، أي الضحك مع الآخرين لفرحهم.