ما هي الحرب الالكترونية ومتى ظهرت؟
الحرب الإلكترونية مصطلح شائع الاستخدام، لكن قليلون من يدركون معناه الحقيقي، فما معنى الحرب الإلكترونية؟ وما هي أنواعها؟
تعريف الحرب الإلكترونية وتاريخها
الحرب الإلكترونية هي استغلال أحد الخصوم التكنولوجيا الإلكترونية لمنع الطرف الآخر من استخدامها ضده، وتشمل هذه الحرب جميع المعاملات التي تجري عبر الإنترنت للسيطرة على الطيف الكهرومغناطيسي من خلال استخدام الأشعة غير المرئية، الأشعة تحت الحمراء، الأشعة فوق البنفسجية، للاعتراض والخلط بين الأوامر أو المعلومات المتداولة في نظم الاتصالات التي يستخدمها الخصم. (فعلى سبيل المثال، تقوم دولة ما بإدخال فيروس إلى نظام إلكتروني لدولة أخرى مما ينشئ عنه تخريب تلك المنظومة وإصدار أوامر أو بث معلومات مغلوطة للقائمين على هذا النظام الإلكتروني، وغالباً لا يتم الاعتراف بهذا النوع من الاختراق).
تاريخ الحرب الإلكترونية
بدأت الاتصالات بين أنحاء العالم مع اختراع الأجهزة السلكية في عام 1837، واستخدمت الحرب الإلكترونية للمرة الأولى خلال الحرب الأهلية الأمريكية في عام 1861، حيث سعت الأطراف المتحاربة لاختراق أجهزة التلغراف لبعضها البعض بغية كشف الخطط الحربية لكل طرف، في عام 1897 اخترع الإيطالي ماركوني الأجهزة اللاسلكية التي أصبحت تستخدم للتواصل بين السفن في البحار، ثم بدأ التشويش على هذه الأجهزة لمعرفة خطط الدول المعادية خلال الحرب العالمية الأولى التي امتدت بين عامي 1914- 1918، حيث نجحت المخابرات البريطانية في اختراق الأجهزة اللاسلكية لألمانيا مما ساهم في معرفة خطط ألمانيا للهجوم على بريطانيا وإفشالها، بذلك كانت الحرب الإلكترونية أحد عناصر انتصار دول التفاهم (فرنسا، بريطانيا، الولايات المتحدة الأمريكية) على دول تكتل الوسط (ألمانيا، الإمبراطورية الهنغارية النمساوية، الدولة العثمانية).
الحرب الإلكترونية خلال الحرب العالمية الثانية
استخدم سلاح الجو البريطاني الحرب الإلكترونية خلال الحرب العالمية الثانية التي امتدت بين عامي 1939- 1945، حيث قامت بريطانيا باستخدام الرادارات لكشف الهجمات الألمانية ضد أهدافها والتشويش عليها لمنعها من تنفيذ خطتها.
أدوات من الصمامات الإلكترونية إلى الترانزستور
تطورت الوسائل المستخدمة في الحرب الإلكترونية، وهي نوعان:
- الصمامات الإلكترونية، عبارة عن زجاجة مفرغة من الهواء يبلغ قطرها ثلاثة سنتيمترات وطولها سبعة سنتميترات، تستخدم في تضخيم الإشارات والترددات ومعالجتها، توجد الصمامات الإلكترونية بأجهزة متعددة مثل: الراديو والتلفزيون ومكبرات الصوت وفي أجهزة البحث العلمي وغيرها.
- الترانزستور، استخدم في العصر الحديث خلال الحرب الباردة، يعتبر أحد أهم مكونات الأدوات الإلكترونية الحديثة مثل الحاسوب، اخترعه العلماء الأمريكيون (والتر براتن) و (جون باردين) و (وليام شوكلي). الترانزستور عبارة عن بلورة من مادة شبه موصل مطعمة بالجرمانيوم أو السيليكون تحتوي على بلورة رقيقة جدًا بحيث تكون المنطقة الوسطى منها شبه موصل موجب أو سالب وتسمى القاعدة بينهما المنطقتان الخارجيتان من النوعية المخالفة، وله قدرة كبيرة على تكبير الإشارات الإلكترونية، ومن خلال الترانزستور ضبطت شبكات الكهرباء والهاتف المحمول، وأصبحت تستخدمه القوات المسلحة للتحكم في الأجهزة العسكرية (دبابات، مصفحات، طائرات، مدافع)، وبما أن الترانزستور عمل بجهد (فولطي) صغير، بالتالي تعرض للتلف بسبب حساسيته المرتفعة للأمواج الكهرومغناطيسية ومن ضمنها أشعة غاما والأشعة السينية.
الحرب الإلكترونية خلال الحرب الباردة
فكر المعسكران الغربي بزعامة الولايات المتحدة الأمريكية والمعسكر الشرقي بزعامة الاتحاد السوفييتي في اختراع وتنفيذ قنابل بسيطة تفسد عمل الترانزستور على أرض العدو وفي ميدان القتال، حيث تنتج هذه القنابل أشعة كهرومغناطيسية شديدة تشل الترانزستور لدى الطرف الآخر، فتعم الفوضى بين صفوفه القتالية وتنقطع الاتصالات وكما تعم الفوضى أيضاً في بلاده فينقطع التيار الكهربائي وخطوط الاتصالات والمواصلات.
أنواع ومجالات الحرب الإلكترونية
وفقاً لوظائفها فإن الحرب الإلكترونية تنقسم إلى ثلاثة أنواع:
الهجوم الإلكتروني
يقصد به: منع الخصم من استخدام الطيف الكهرومغناطيسي، من خلال التشويش على بث برامجها واختراقها لأخذ المعلومات الصحيحة وبث معلومات كاذبة، بالتالي تدمير الأنظمة الإلكترونية للعدو، (وكمثال حي على الحرب الإلكترونية اختراق المنظومة الإلكترونية للحزب الديمقراطي خلال انتخابات الرئاسة في عام 2016 بغية التأثير على نتيجة الانتخابات ولم تُعرَف الجهة التي نفذت هذا الاختراق على الرغم من أن المرشحة الديمقراطية للانتخابات الأمريكية هيلاري كلينتون اتهمت موسكو بالوقوف وراء هذه العملية).
الدعم الإلكتروني أو (الاستخبارات الإلكترونية)
يقصد به: توفير كل الوسائل لتدعيم أنظمة الاتصالات الخاصة بهذه الدولة أو تلك، أو هذا النظام أو ذاك، من خلال ضمان حرية العمل داخل هذه الأنظمة وفي الوقت ذاته استخدام برامج فك التشفير، الترجمة، تحليل المعلومات الواردة من أنظمة الاتصالات (كاعتراض إشارات الرادارات، وهوائيات الإرسال، واستخدام مضادات الفيروسات لمنع اختراق المنظومات الإلكترونية).
الأمن الإلكتروني
يقصد به، الحماية الإلكترونية واتخاذ جميع الإجراءات اللازمة للتصدي لأي هجوم إلكتروني محتمل ضد أنظمة اتصالات هذه الدولة أو تلك، مثل:
- خفض مستوى الرادار لتشتيت الموجات الكهرومغناطيسية القادمة من العدو.
- استخدام الترددات وإجراءات الرادار وأجهزة راديو صامتة.
- استخدام نظم تحديد إلكترونية.
- استخدام الأنظمة الإلكترونية للهروب أو القفز الترددي، أو الاتصالات، في أنظمة الانبعاثات الوجيزة.
- استخدام نظام التشفير لمنع الاختراق.
- استخدام مضاد تشويش بمنع الطرف الآخر من التشويش على أنظمة الاتصالات التابعة لهذه الدولة.
مهارات وأسلحة الحرب الإلكترونية
مع تطور أنواع الأسلحة واختراع القنبلة النووية، قل لجوء الدول للحرب، وظهر نظام جديد للحرب هو الحرب الإلكترونية القائمة على التزود بأنظمة اتصالات تؤمن التواصل داخل الدولة الواحدة أو الحلفاء، وفي الوقت نفسه محمي كي لا تخترقه الدول الأخرى، لكن ذلك يحتاج إلى وجود أشخاص مدربين على استخدام التكنولوجيا، يكونون على اطلاع بكل التحديثات التي تطرأ على هذه الأنظمة لاستخدامها في حماية أنظمة الاتصالات، والوصول لأحدث الاكتشافات بهدف اختراق أنظمة الاتصالات لدى الأعداء.
إضافةً لذلك يجب تدريب هؤلاء الأشخاص على المحاكاة (أي وضعهم في موضع الحرب لمواجهة الموقف) على سبيل المثال: كشف الرادار عن وجود صاروخ يريد تدمير هدف في هذه الدولة، في هذه الحالة على المتدرب أن يقرر في جزء من الثانية إن كان هذا الصاروخ معادي ومن ثم التصدي له على الفور قبل أن ينجح هذا الصاروخ في تحقق هدفه.
في الختام.. أصبحت الحرب الإلكترونية مع تطور أنظمة الأسلحة وسيلةً ناجحة لاختراق العدو، فالسلاح الإلكتروني يمثل نصراً ضد الطرف الآخر من دون خسائر بشرية، إذاً فالحرب بهذا المعنى نظيفة أي من دون سفك دماء، وإنما فقط تخريب أنظمة اتصالات إلكترونية.