موهينجو دارو.. قصة مدينة اختفى سكانها فجأة في ظروف غامضة
واحدة من الألغاز الغريبة حول العالم خاصة فيما يتعلق بكواليس انهيارها واختفاء 40 ألف مواطن منها
تعتبر حضارة السند واحدة من الألغاز الغريبة حول العالم، خاصة فيما يتعلق بكواليس اختفائها واختفاء العديد من سكان المدن المرتبطة بها. يعتقد البعض إن نهر السند غير مساره، الأمر الذي أدى إلى إعاقة الاقتصاد الزراعي المحلي وأهمية المدينة كمركز للتجارة، وبالتالي بدأت الحضارة في الانهيار.
لكن حتى الآن لا يوجد دليل على أن تغير مسار النهر دمر الحضارة وجعل المدن المرتبطة بها مهجورة تمامًا، كما يقول الباحثون. ما الذي حدث على وجه الدقة؟ لا أحد يعرف.
فيديو ذات صلة
This browser does not support the video element.
في هذا التقرير، نستعرض معكم قصة واحدة من مدن حضارة السند الأكثر غموضًا وغرابة، والتي تحمل اسم موهينجو دارو، حيث اختفى سكانها فجأة وانهارت بشكل مفاجئ وسريع لا يمكن تفسيره، خاصة في ظل عدم وجود دليل واضح على حدوث كارثة أدت لذلك.
قصة موهينجو دارو
تقع موهينجو دارو في مقاطعة السند في باكستان، على بعد حوالي 390 كيلومترًا شمال شرق كراتشي.
تأسست موهينجو دارو حوالي عام 2600 قبل الميلاد، وكانت واحدة من أكبر المستوطنات في حضارة وادي السند، التي ازدهرت بين 2600 و1900 قبل الميلاد. كانت المدينة في ذروتها موطنًا لما يقارب 40 ألف شخص، مما يجعلها واحدة من أكثر المدن اكتظاظًا بالسكان في العالم القديم.
تميزت موهينجو دارو بتخطيطها المدني المتطور، حيث كانت مقسمة إلى أحياء سكنية وتجارية وحكومية. تم بناء المنازل من الطوب المحروق، وكانت مزودة بنظام صرف صحي متطور. كما تم العثور على حمامات عامة ومباني عامة أخرى في المدينة.
كذلك، كان لموهينجو دارو ثقافة غنية ومتنوعة. تم العثور على العديد من القطع الأثرية في المدينة، بما في ذلك التماثيل والأختام والأدوات والجواهر. تشير هذه القطع الأثرية إلى أن سكان موهينجو دارو كانوا يتاجرون مع حضارات أخرى، وأنهم كانوا يتمتعون بمهارات فنية عالية.
اختفاء مفاجئ
لا تزال أسباب انهيار حضارة وادي السند، بما في ذلك موهينجو دارو، غير معروفة. يعتقد بعض العلماء أن تغير المناخ أو الجفاف قد أدى إلى انهيار الحضارة، بينما يعتقد البعض الآخر أن الغزو أو الاضطرابات الاجتماعية قد تكون السبب.
انهارت المدينة فجأة واختفى سكانها أيضا فجأة وتم التخلي عنها لأسباب غير مفهومة تمامًا. ويقال أن المدينة كانت على الأرجح ضحية لكارثة حدث بسرعة، ولم تنهار بشكل طبيعي وبطيء.
ومع ذلك، لا توجد أي علامة على حدوث فيضانات أو حريق، ولا أي معركة مدمرة. فقط تم اكتشاف العشرات من الهياكل العظمية في الموقع، وجميعهم لا يبدو أنهم كانوا ضحايا مذبحة أو واقعة كارثية. الشيء الوحيد المؤكد، إنه بحلول عام 1800 قبل الميلاد، كانت معظم المدن الكبرى في المنطقة مهجورة بالكامل تقريبًا.
إحدى النظريات المطروحة بقوة هي أن الجفاف الشديد ضرب المنطقة، مما أدى إلى انهيار الزراعة والمستوطنات الكبيرة. أكد على ذلك دراسة أجريت في عام 2023، والتي قدمت بعض الأدلة القوية على هذه النظرية، حيث نظر العلماء في جامعة كامبريدج إلى طبقات النمو في السمة الجيولوجية للتعرف على هطول الأمطار التاريخي في المنطقة، وكشفوا أنها تعرضت لظروف قاحلة للغاية منذ حوالي 4200 عام، والتي استمرت لعدة قرون.
ومع ذلك، لا يتفق الجميع مع هذه الفكرة.
اكتشافات غريبة
تم اكتشاف موهينجو دارو لأول مرة في عام 1911 من قبل عالم الآثار البريطاني هاركورت ماكاي. منذ ذلك الحين، تم التنقيب عن المدينة على نطاق واسع، وتم الكشف عن العديد من أسرارها.
زار علماء الآثار منطقة موهينجو دارو لأول مرة في عام 1911. وأجريت العديد من الحفريات في عشرينيات القرن العشرين وحتى عام 1931. كذلك، أجريت تحقيقات صغيرة في ثلاثينيات القرن العشرين، وأجريت حفريات لاحقة في عامي 1950 و1964.
ووفقا للأبحاث التي أجريت، يشير تخطيطها المنظم إلى أن المستوطنة لم تكن نتاج نمو فوضوي، بل كانت نظامًا مبكرًا لتخطيط المدن، حيث تم بناء جزء كبير من المدينة المخطط لها باستخدام الطوب الموحد، مما يشير إلى أنها كانت مادة بناء موحدة.
وفي عام 1926، اكتشف العلماء تمثالا برونزيا مصغرا لأنثى عارية، التي عرفت باسم الفتاة الراقصة. إلى جانب بعض التماثيل الحجرية لشخصيات ذكورية جالسة، مثل تمثال "الملك الكاهن" الملون بشكل معقد، والذي أطلق الباحثون عليه هذا الاسم على الرغم من عدم وجود دليل على أنه كان كاهنًا أو ملكًا.
كذلك عثر الباحثون على الكثير من المصنوعات اليدوية مثل العاج واللازورد والعقيق والخرز الذهبي، بالإضافة إلى مباني المدينة المبنية من الطوب المحروق، ومسبح للماء أطلقوا عليه اسم "الحمام العظيم"، والذي يقع فوق كومة من التراب، ويعتبر أقرب هيكل تمتلكه منطقة موهينجو دارو يشبه المعبد.
معلومات عن موهينجو دارو
تعتبر موهينجو دارو واحدة من أهم المواقع الأثرية في العالم والتي توفر نظرة ثاقبة على حضارة وادي السند. وفي السطور التالية، نستعرض معكم أبرز المعلومات عن المنطقة.
. تقع موهينجو دارو، في باكستان الحديثة داخل مقاطعة السند الجنوبية الغربية.
. يمتد الموقع على مساحة 24 هكتارا أي ما يعادل 59 فدانا.
. بنيت حوالي 2500 أو 2600 قبل الميلاد.
. يبلغ عدد سكانها 40 ألف نسمة.
. تم التخلي عنها وتركت لتدمر في الفترة من عام 1800 قبل الميلاد إلى 1700 قبل الميلاد.
. واحدة من أقدم الحضارات الحضرية في العالم.
. تعد المدينة أيضًا موقعًا للتراث العالمي لليونسكو.
. يعتقد أن اسم "موهينجو دارو" يعني "تل الموتى" في اللغة السندية.
. كانت المدينة محاطة بجدار ضخم لحمايتها من الغزاة.
. تم العثور على العديد من الحبوب والبقوليات في موهينجو دارو، مما يشير إلى أن الزراعة كانت جزءًا مهمًا من اقتصاد المدينة.
. كان لدى موهينجو دارو نظام كتابة خاص بها، والذي لا يزال غير مفهوم تمامًا.
في النهاية، يحاول العلماء والباحثون حتى يومنا هذا اكتشاف المزيد عن هذه الممدينة الغريبة، والتي تفتقر حتى إلى القصور والمعابد، ولا يوجد فيها مقر مركزي واضح للحكومة أو دليل على وجود ملك أو ملكة.