هل سيساعد البنك الاحتياطي الفيدرالي على انتعاش الدولار الأمريكي؟
هل سيساعد البنك الاحتياطي الفيدرالي على انتعاش الدولار الأمريكي؟
لا تزال الأسواق العالمية بالقرب من مستويات قياسية، لكن سوق العملات يتحول إلى نغمة تداول حذرة في انتظار نتائج اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي.
أنهى الدولار الأمريكي تعاملات الأسبوع الماضي في سوق تداول العملات الأجنبية على ارتفاع مقابل جميع العملات الرئيسية، وهو رد فعل متأخر لتقرير التضخم الذي صدر يوم الخميس (10 يونيو)، كما ساعدت ثقة المستهلك التي جاءت أقوى من المتوقع في تعزيز الطلب على الدولار الأمريكي قبل إعلان السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي، هذا وقد أصر صانعو السياسة في الولايات المتحدة على أن الزيادة في التضخم مؤقتة.
أدى تسارع وتيرة التطعيمات وإقرار حزمة تحفيز كبيرة إلى إشعال الآمال في حدوث انتعاش اقتصادي قوي في الولايات المتحدة، مما أدى إلى ارتفاع عوائد سندات الخزانة بشكل حاد، في الوقت نفسه، تعرضت توقعات النمو لأوروبا لضربة قوية حيث تعثرت حملة التطعيم في الاتحاد الأوروبي وسط تصاعد المخاطر من حدوث موجة جائحة ثالثة مدمرة.
عادةً ما يكون مثل هذا المزيج من العوامل وصفة واضحة لدولار أمريكي أقوى، لا سيما كما تم قياسه من خلال مؤشر الدولار، وقد ارتفع هذا المؤشر في الواقع بنسبة 2.1% حتى الآن هذا العام، لكنه لا يزال أقل بنسبة 6.4% عن مستواه قبل عام.
وهو ما يثيرالدهشة، خاصة مع ارتفاع عوائد سندات الخزانة لأجل 10 سنوات على مدار عام 2020من مستوى 1.25% إلى مستوى 1.71% إلى 1.71%،ومن جهة أخرى زادت الفجوة بين عوائد سندات الخزانة الأمريكية وعوائد سندات الخزانة الألمانية لآجل 10 سنوات خلال عام 2020 بواقع 0.48 نقطة مئوية، الأمر الذي يلقي بظلاله الإيجابية على الدولار الأمريكي وبالأخص مؤشر الدولار.
ومع تزايد التوقعات بالنمو المتسارع للاقتصاد الأمريكي ارتفعت التوقعات أيضًا بمعدلات التضخم، وعلى الرغم من ذلك، فقد تعهد البنك الاحتياطي الفيدرالي بأنه سيسمح لمعدلاتالتضخم بأن ترتفع عن المستوى المستهدف منه سابقًا، ويعد هذا الأمر سلبيًابالنسبة للدولار الأمريكي، وذلك لأنه مع ارتفاع الأسعار من المفترض أن تقل القوة الشرائية للعملة، من أهم المؤشرات التي تُظهر فعليًا أحد مؤشرات السوق على احتمالية ارتفاع التضخم هو عوائد سندات الخزانة التي يتم حمايتها من التضخم.
هناك عامل آخر يضغط على الدولار وهو أن العديد من الاقتصادات الأخرى ترى أن آفاقها تزداد إشراقًا،يعتبر التعافي القوي للولايات المتحدة في حد ذاته يجب أن يكون أخبارًا جيدة للمصدرين الرئيسيين والدول المنتجة للسلع الأساسية، مما يعزز عملات دول مثل أستراليا ونيوزيلندا والنرويج، لا ينعكس أي من هذه الدول في مؤشر الدولار لكنها تشكل مجتمعة حوالي 10 %.
إذا استمرت الأسعار في الارتفاع في الولايات المتحدة، فقد لا يكون هناك ضغط على الدولار، ولكن إذا نجح البنك الاحتياطي الفيدرالي في تهدئة الأسواق، من خلال إقناع المتداولين المتشككين أنه مستعد حقًا لقبول ارتفاع التضخم، فستظل العملة الأمريكية مكبوتة، وهذا بدوره سيساعد الصادرات الأمريكية وربحية الشركات الأمريكية، ويساعد بشكل عام الاحتياطي الفيدرالي في سعيه لتحقيق التوظيف الكامل، صحيح أن ضعف الدولار يعني انخفاض القوة الشرائية للمستهلكين الأمريكيين، ولكن هذا ما يفعله التضخم.
اجتماع البنك الاحتياطي الفيدرالي
لا تزال التحركات في أسواق العملات الأجنبية معتدلة ترقبًا لتعليقات السياسة النقدية للبنك الاحتياطي الفيدرالي عقب بيانات التضخم المرتفعة لشهر مايو.
قفزت أسعار المستهلكين الرئيسية بنسبة 5% في مايو، وهي أسرع وتيرة منذ صيف عام 2008، بعدما ارتفع بحدة في أبريل بنحو 4.2% في أبريل، ومع ذلك، ستراقب الأسواق الديناميكيات الشهرية عن كثب،فمنذ بداية العام اكتسب معدل النمو الشهري للأسعار زخمًا من 0.2% في ديسمبر الماضي إلى 0.8% لشهر أبريل.
إن إصدار بيانات فوق هذه التوقعات بقوة سوف يزعج الأسواق، ويرفض فكرة ارتفاع مؤقت في التضخم، ستكون هذه إشارة فعلية للبنك الاحتياطي الفيدرالي لبدء مناقشة خارطة طريق للتراجع عن التيسير الكمي وتطبيع أسعار الفائدة.
هل بدأ التحول في السياسة النقدية؟
من المؤكد أن التحول لا يزال مشروطًا، حيث سيواصل صانعو السياسة الفيدرالية الإصرار على أنه من غير المرجح أن يستمر التضخم المرتفع لأنه يعكس الاختناقات مع انتعاش الاقتصاد من الوباء، أما بالنسبة لسوق العمل فقد أدت بيانات الوظائف الأخيرة التي جاءت أضعف من المتوقع إلى تعزيز أسلوب الانتظار والترقب الذي يتبعه البنك الاحتياطي الفيدرالي.
لذلك ينقسم الاقتصاديون حول الوقت الذي يكون فيه الإعلان التنازلي على الأرجح، ثلثهم يتوقعون أن يكون في أغسطس وثلث آخر يري أنهبعد سبتمبر والثلث الأخير يعتقد أنه في ديسمبر.
باختصار، سيكون من الصعب على البنك الاحتياطي الفيدرالي أن يكون أكثر تشاؤمًا مما تتوقعه السوق حاليًا، ولكن إذا كانت هناك مفاجأة متفائلة فسوف ترتفع العملة الأمريكية مع اندفاع المشاركين في السوق إلى التسعير في هذا التحول.
يري المحللون إنه يجب على الدولار الأمريكي أن يرتفع إذا قام بنك الاحتياطي الفيدرالي بإسقاط أي تلميح إلى أن التناقص التدريجي سيتم تقديمه أو سيتم النظر في رفع أسعار الفائدة قريبًا، لكنهم يعتقدوا أنهم سوف يلتزمون بنفس الشعار، ومن المحتمل أن ينتهي الأمر به كونه ليس حدثًا.
لاحظ بعض المستثمرين في السوق أيضًا أن الدولار قد يرتفع بشكل افتراضي حيث يبدو أن العملات الرئيسية الأخرى تفقد الزخم، كما أنهم يلاحظوا أن الدولار الأمريكي يرتفع الآن حتى مع انخفاض عوائد الديون الأمريكية إلى أقل من 1.5%.
ما المتوقع للدولار الأمريكي خلال الفترة القادمة؟
من الضروري أن ندرك أن اجتماع اللجنة الفيدرالية للسوق المفتوحة سيكون بمثابة المحدد الأساسي لاتجاه الدولار، يُذكر أن البنك المركزي الأوروبي أشار في اجتماعه الأسبوع الماضي إلى رغبته في الحفاظ على سياسته النقدية المتساهلة للغاية، وإذا كرر البنك الاحتياطي الفيدرالي ما قاله البنك المركزي الأوروبي، فقد نرى دفعة جديدة لتيسير الدولار، مما سيعيد الاتجاه الصعودي في الأسهم ومعظم العملات مقابل الدولار الأمريكي.
ستبدأ إشارات الرغبة في التراجع عن التيسير الكمي دورة جديدة في الدولار الأمريكي حيث سيكون ملكًا إلى أن تحذو البنوك المركزية الأخرى حذوها، يشير التاريخ إلى أن إشارات الانعكاس في البنك الاحتياطي الفيدرالي من التسهيل إلى التشديد يمكن أن يتبعها حوالي ستة أشهر من ارتفاع الدولار، وهو ما يؤثر بشدة على عملات الأسواق الناشئة.
ووفقًا للتحليل الأساسي وفهم البنك الاحتياطي الفيدرالي لأهمية معدلات الفائدة المنخفضة في الولايات المتحدة لتمويل برامج الدعم الاقتصادي، يبدو أن الدولار الأمريكي معرضًا للخطر، لكن الإشارات الأخيرة في سوق العملات تظهر أن هناك رغبة أكبر في سماع الأحاديث عن تشديد السياسة النقدية وبدء دورة نمو للدولار، ومع ذلك، إذا ظل البنك الاحتياطي الفيدرالي ضعيفًا، فستكون مفاجأة حقيقية للأسواق، حيث ستكون قادرة على إطلاق حركة كبيرة لعدة أسابيع وشهور قادمة.