أسرار أقدم 7 حضارات إنسانية على الأرض.. بلاد الرافدين ومصر

تعد الحضارة نمطًا يميز مجموعة من البشر عن مجموعة أخرى، تركوا وراءهم مجموعة من الآثار والثقافات المختلفة التي يعتبر بعضها مؤثرا حتى يومنا هذا، ولكن ما هي أقدم الحضارات المعروفة على مر التاريخ؟

بدأت أقدم الحضارات بين عامي 4000 و300 قبل الميلاد، ومنذ ذلك الحين، ظهرت أنظمة معقدة من الهياكل الاجتماعية والسياسية والثقافية والاقتصادية التي ميزت المجتمعات. كما تتميز الحضارات بسمات مشتركة، مثل العمارة الضخمة والجماليات الفنية المشتركة ونظام الاتصال الموحد، وتقسيم الطبقات على أساس ديني أو اقتصادي.

وفي التقرير التالي، نستعرض معكم أقدم الحضارات الإنسانية المعروفة التي نشأت عبر التاريخ، سماتها وأكثر ما يميزها، وغيرها من المعلومات والحقائق المثيرة عنها.

بلاد الرافدين

يطلق على هذه الحضارة اسم بلاد الرافدين؛ لأنها تقع في الأرض الخصبة بين نهري دجلة والفرات في الشرق الأوسط، حيث بدأ البشر بالاستقرار فيها لأول مرة في العصر الحجري القديم، وبحلول عام 14000 قبل الميلاد، بنى الناس منازل لأنفسهم. وبعد ذلك بـ 5000 عام، أنشأ هؤلاء الناس مجتمعات، وتم تدجين الحيوانات للأغراض الزراعية.

بهذه الطريقة، تطورت المدن الحضرية الأولى، بما في ذلك بابل وأشور وأكد. ومع ذلك، كحضارة مبكرة، افتقر سكان بلاد الرافدين إلى الوحدة الجغرافية أو حتى العاصمة. ولكن تم تطبيق تقنيات الري ونقل المياه في حياتهم اليومية آنذاك. كما تعد أحد الإنجازات الرئيسية لسكان بلاد الرافدين هو "قوانين حمورابي" - المكتوبة باستخدام نظام الكتابة المسمارية - والتي تضمنت مجموعة من 282 قاعدة تطبق على التجارة.

كذلك، ينسب نظام الوقت الحالي المكون من دقائق 60 ثانية وساعات 60 دقيقة إلى تطويره في بلاد الرافدين. كما أدخل البابليون أول نظام لتقسيم السنة إلى 12 فترة وتسميتها على أسماء الأبراج.

استمرت هذه الحضارة من عام 4000 قبل الميلاد إلى عام 3500 قبل الميلاد. وحدثت أولى عمليات التنقيب في هذا الموقع عام 1840.

مصر القديمة

ربما تكون هذه الحضارة الأكثر شهرة ومشاهدة وكتابة عنها، حيث ازدهرت مصر القديمة على طول نهر النيل، وامتدت من سوريا الحالية إلى السودان. وأثارت اهتمام علماء الآثار الذين يعرفون أنه كلما حفروا أكثر، زاد ما يمكن معرفته عن هذه الحضارة، بداية من الأهرامات إلى ممارسة التحنيط إلى النظرة الفريدة للحياة والموت، كان لدى المصريين واحدًا من أكثر المجتمعات تطورًا.

وبالنسبة للمصريين القدماء، كان الملك في بعض الأحيان يعتبرونه إلهًا. ولفترة طويلة، كان للفراعنة سلطة مطلقة، وكان مسيطرون إلى درجة كبيرة، كما كانوا متقدمين، وكان المصريون يمتلكون العديد من علماء الرياضيات المهرة الذين طوروا اليوم المكون من 24 ساعة والتقويم المكون من 365 يومًا خلال هذا الوقت، وغيرها من الأمور المرتبطة بالعمارة والفلك والطب.

الهند القديمة

تعد حضارة وادي السند أقدم الحضارات المعروفة في الهند، وكانت أيضًا واحدة من أكثر الحضارات تطورا، إذ امتلكت مشاريع عمومية معقدة مثل أنظمة الصرف الصحي، وشبكات التصريف، ومرافق الري، والتخطيط الحضري، وبنى تحتية للتجارة والاقتصاد. بل إنهم كانوا يتاجرون مع الحضارتين المصرية والبابلية.

كذلك، توصلت هذه الحضارة إلى أوزان موحدة، وبرعوا في صناعة المعادن. لم يتم فك رموز لغة شعب هذه الحضارة حتى الآن، ولكن الحفريات كشفت الكثير عن هذه الحضارة التي ازدهرت عام 2600 قبل الميلاد. وحتى الآن، لا يوجد إجماع حول سبب انتهاء هذه الحضارة؛ يعتقد البعض أنها تعرضت لتغيرات مناخية أدت إلى جفاف نهر السند، بينما يعتقد آخرون أنها غرقت بسبب فيضانات هائلة.

الصين القديمة

تعرف الحضارة الصينية بالإمبراطوريات والحكام والأسرات. وبفضل موقعها الجغرافي، لم تواجه الصين تتعرض لتهديدات من الغزاة الخارجيين، لكن الصراعات الداخلية كانت لا تقل دموية عن هجوم الغزاة، حيث قسمت الصين بشكل رئيسي إلى أربع أسرات هي: أسرة شيا، وشانگ، وزو، وقين، قبل أن يوحد الإمبراطور تشين شي هوانغ، الصين، وبدأ ببناء سور الصين العظيم.

ينسب الفضل للحضارة الصينية في تطوير النظام العشري، والآلة الحاسبة، وحتى الطباعة. كما حشدت هذه الحضارة المتقدمة القوى العاملة لبناء القناة الكبرى التي ربطت نهر هوانغ هو بنهر اليانغتزي. ونظرًا لحروب الممالك قبل توحيد الصين، كان الجيش متطورًا للغاية.

بيرو القديمة

تعد بيرو الحالية خامس أكبر دولة من حيث عدد السكان في أمريكا اللاتينية، وتشارك الحدود مع بوليفيا، والبرازيل، وتشيلي، وكولومبيا، والإكوادور، والمحيط الهادئ الجنوبي. وعلى الرغم من أن بيرو تعرف عادة بأنها موطن الإنكا، إلا أنهم ليسوا المستوطنين الأوائل. كان شعب تشيمو هم أول من وصل إلى هناك، وأنشأ نظامًا خاصًا بهم. حتى إنهم كانت لديهم لغتهم الخاصة التي تسمى يونكا.

تأثرت ثقافة الإنكا بطريقة حياة وتقاليد شعب تشيمو، عندما وصلوا في القرن الثاني عشر، ووسعوا مملكتهم على نطاق واسع؛ ربما كانت أكبر إمبراطورية في العالم في ذلك الوقت. كما بنوا الإنكا جيشًا قويًا، وساعدتهم أساليبهم المبتكرة في الري والزراعة على بقاء 12 مليون نسمة في التضاريس القاسية للأنديز.

وعلى الرغم من امتلاكهم نظامًا محاسبيًا، إلا أن الإنكا لم يطوروا لغة مكتوبة؛ كانوا يتواصلون من خلال الرموز والصور. وفي القرن السادس عشر، وصل الإسبان بقيادة بيزارو إلى بيرو، وجلبوا معهم أمراضًا أوروبية غريبة لم يستطع الإنكا مواجهتها. انتشر الغزو والأمراض في جميع أنحاء الإمبراطورية، وسقط الإنكا أخيرًا عام 1572.

حضارات أمريكا الوسطى

قبل أن تصل الغزوات الإسبانية إلى هناك، ازدهرت حضارة كبيرة في أمريكا الوسطى، حيث كانت هذه المنطقة، التي تشمل أجزاء من المكسيك وأمريكا الوسطى الحالية، موطنًا لعدد من الثقافات الأصلية، بما في ذلك الأولمك والزابوتيك والمايا والتولتك والآزتك. وتعود أقدم الأدلة على وجود الإنسان في هذه المنطقة إلى ما يقرب من 21 ألف عام قبل الميلاد.

شهدت المنطقة مناخًا أكثر برودة حتى عام 11 ألف قبل الميلاد، ولكن مع تغير المناخ نحو الدفء، تحول الاعتماد من الصيد إلى الزراعة كمصدر رئيسي للغذاء. وبدأ خلال هذه الحقبة ظهور فكرة بناء المعابد.

شهدت هذه الفترة أيضًا نموًا في التباينات الثقافية الإقليمية، وبُني أول مجمع حضري بين أعوام 900 و300 قبل الميلاد. وابتكر شعب الزابوتيك أول تقويم مكتوب في ذلك الوقت، بينما دفع المايا الحضارة قدمًا من خلال إدخال مفاهيم الفلك والرياضيات والعمارة والكتابة.