التوابيت المعلقة.. ظاهرة دفن غريبة في مناطق بجنوب شرق آسيا

تعد التوابيت المعلقة ظاهرة دفن فريدة من نوعها، حيث يتم وضع توابيت الموتى في تجاويف محفورة في المنحدرات الصخرية أو على جوانب الجبال، بدلًا من دفنها في الأرض.

وتنتشر هذه الممارسة في بعض المناطق من جنوب شرق آسيا، مثل الصين والفلبين وإندونيسيا، تاركة وراءها العديد من الأسئلة حول أصلها ودلالاتها والطقوس المرتبطة بها.

وفي التقرير التالي، نستعرض معكم قصة طريقة الدفن الغريبة تلك في بعض المناطق داخل دول معينة، وبالتحديد في ساغادا بالفلبين. مع توضيح تاريخ هذا الطقس وأسبابه وأضراره وغيرها من التفاصيل.

تاريخ التوابيت المعلقة

يرجع تاريخ ممارسة دفن الموتى في توابيت معلقة إلى آلاف السنين، مع أقدم الأدلة التي تشير إلى وجودها في جنوب الصين منذ حوالي 2500 عام. وقد ارتبطت هذه الممارسة بمجموعات عرقية مختلفة، مثل شعب باييوه في الصين وشعوب التوغادي في الفلبين.

ويعتقد أن شعب باييوه، وهي مجموعة عرقية قديمة عاشت في جنوب شرق الصين، كانوا من رواد ممارسة دفن الموتى في توابيت معلقة. ومع مرور الوقت، انتشرت عادات الدفن في التوابيت المعلقة إلى مناطق أخرى من جنوب شرق آسيا، حيث تبنتها شعوب مختلفة، تاركين وراءهم مواقع أثرية مذهلة تشاهد حتى يومنا هذا.

التوابيت المعلقة في ساغادا

تنتشر مواقع التوابيت المعلقة في العديد من بلدان جنوب شرق آسيا، ومن أشهر هذه المواقع، منطقة ساغادا في الفلبين، والتي تشتهر بتوابيت البويا المعلقة على منحدرات صخرية جيرية.

كذلك، منطقة Lijiang في الصين، والتي تضم العديد من التوابيت المعلقة لشعب ناكسي. ومنطقة Tana Toraja في إندونيسيا، التي تشتهر بطقوس دفن الموتى الفريدة، بما في ذلك تعليق التوابيت في كهوف صخرية.

وعن قرية ساغادا الموجودة في دولة الفلبين بالتحديد، ستلاحظ ما قد يعتبره البعض مشهدًا مرعبًا. ففي الوقت الذي تقوم فيه دول بدفن الموتى تحت الأرض، أو تقوم أخرى بحرق موتاها في الأرض، بعيدًا عن الأنظار، يقوم السكان المحليون في هذه القرية الفلبينية بتعليق موتاهم في توابيت على طول المنحدرات، واحدًا فوق الآخر.

يبدو المشهد هذا غريبًا ومريبًا جدًا بالنسبة لأولئك الذين ينتمون إلى ثقافات مختلفة وغير معتادة على ذلك، حيث يفضل الغالبية إخفاء الموتى تحت الأرض أو في الأضرحة الحجرية. حتى أن بعض الزوار والسياح تراودهم مخاوف أثناء التجول في ساغادا، حيث تحيط الخرافات والروايات الخيالية المرعبة بعقولهم كلما لاحظوا هذه التوابيت المعلقة. يصبحون أكثر قلقًا في وجود المتوفى فوقهم.

ويعود التقليد إلى آلاف السنين، حيث يبلغ عمر العديد من التوابيت الموجودة على جانب الجرف مئات السنين وتبدو جميعها مختلفة تمامًا عن بعضها البعض. ويرجع ذلك إلى إنها تم صنعها خصيصًا من قبل الشخص الذي يستريح بداخلها الآن، وبالتالي اختار الشكل واللون والحجم الذي يناسبه قبل رحيله.

أسباب دفن الموتى في توابيت معلقة

تتنوع الدوافع وراء ممارسة دفن الموتى في توابيت معلقة، وتشمل بعض النظريات:

الوصول إلى العالم الآخر

اعتقد بعض الثقافات أن تعليق التوابيت على المنحدرات الصخرية أو الجبال يُسهل وصول أرواح الموتى إلى العالم الآخر.

الحماية من الحيوانات المفترسة

في بعض المناطق، تم تعليق التوابيت لحماية جثث الموتى من الحيوانات المفترسة.

الحفاظ على حرمة الموتى

اعتقد البعض أن تعليق التوابيت يُظهر احترامًا أكبر للموتى ويُحافظ على كرامتهم.

إظهار المكانة الاجتماعية

في بعض المجتمعات، ارتبط دفن الموتى في توابيت معلقة بالمكانة الاجتماعية العالية.

طقوس الدفن في توابيت معلقة

تختلف الطقوس المرتبطة بدفن الموتى في توابيت معلقة اختلافًا كبيرًا بين الثقافات، ولكن تشمل بعض الممارسات الشائعة:

تحضير التابوت

يتم تصنيع التوابيت عادةً من الخشب أو البامبو، وقد يتم تزيينها بنقوش أو رسومات.

تحضير الجثة

يتم تنظيف الجثة وتغليفها وفقًا للتقاليد المحلية، في محاولة لضمان عدم انتشار الروائح الكريهة أو الأمراض بعد ذلك.

نقل التابوت

يتم نقل التابوت إلى موقع الدفن، غالبًا على طول منحدرات صخرية أو مسارات جبلية.

تعليق التابوت

يتم تعليق التابوت في تجويف محفور في الصخر أو على جانب الجبل باستخدام الحبال أو الدعامات الخشبية.

طقوس التضحية

في بعض الثقافات، يتم تقديم قرابين من الحيوانات أو الطعام للموتى.

@superjairu Hanging Coffins of Sagada, Mountain Province, Philippines! ☠️⚰️😱 #googleearth #fyp #hangingcoffins #Philippines🇵🇭 ♬ The X Files Theme - John Beal

أضرار التوابيت المعلقة

على الرغم من القيمة الثقافية والتاريخية لظاهرة التوابيت المعلقة، إلا أن بعض الآثار السلبية قد ترتبط بها، تشمل:

الخطر على السلامة

تشكل التوابيت المعلقة خطرًا على السلامة العامة، خاصة في المناطق المعرضة للانهيارات الأرضية أو الظواهر الجوية المتطرفة.

التأثير على البيئة

تسبب عمليات حفر التجويف لوضع التوابيت ضررًا بالبيئة، خاصة في المناطق ذات التنوع البيولوجي العالي.

التأثير على الصحة العامة

قد تتسبب طريقة الدفن هذه في الهواء الطلق في العديد من الأضرار على صحة سكان المنطقة، بسبب انتشار الروائح والأمراض وغيرها من الأمور التي قد تشكل تهديدا على الصحة العامة.

استغلال ثقافي

يخشى البعض من استغلال هذه الممارسة لأغراض سياحية دون مراعاة احترام العادات والتقاليد المحلية.

تحديات الحفاظ

تواجه مواقع التوابيت المعلقة تحديات الحفاظ، خاصة مع مرور الوقت والتغيرات المناخية، سواء العواصف والأمطار وغيرها من العوامل.

هذا، ويعتبر الحوار والتعاون بين السكان المحليين والسلطات والخبراء ضروريًا لإيجاد حلول توازن بين الحفاظ على هذه الممارسة العريقة وتجنب أضرارها، حيث تواجه مواقع التوابيت المعلقة العديد من التهديدات، بما في ذلك التآكل والتغيرات المناخية والتنمية السياحية غير المنظمة. وتبذل الجهود للحفاظ على هذه المواقع الأثرية وحماية الإرث الثقافي الفريد الذي تمثله.

في النهاية، من المهم أن تتذكر أنه على الرغم من أن هذه التوابيت قد تكون مرعبة لم ولمن ينتمون إلى ثقافات أخرى مختلفة عن سكان ساغادا، إلا أنها تمثل تقليدا بالنسبة لقبيلة إيغوروت هناك، حيث يرون أنها تهدف إلى رفع أحبائهم إلى مستوى أقرب إلى عالم أسلافهم. لذلك، إذا كنت في جولة سياحية هناك، فتأكد من معاملة الفكرة بدون سخرية حتى لا تتعرض لمشكلة.